السبت، 10 أكتوبر 2015

امهات المؤمنين بين الاخذ والرد

الشيخ عبد الواحد كرشان - اليمن - 12 شوال 1434 - امهات المؤمنين بين الاخذ والرد
الإسم الكامل: عبد الواحد كرشان
الدولة: اليمن
المذهب السابق: وهابي
المساهمة :

بسم الله الرحمن الرحيم
امهات المؤمنين بين الاخذ والرد
كثر الكلام حول بعض نساء النبي اللاتي خالفنه بعد وفاته, هل ما يزالن من امهات المؤمنين ام لا؟
اقول وبالله التوفيق هنا مباحث عدة:

المبحث الاول : في سبب نزول الآية
قال تعالى (( النَّبِيُّ أَولَى بِالمُؤمِنِينَ مِن أَنفُسِهِم وَأَزوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُم وَأُولُو الأَرحَامِ بَعضُهُم أَولَى بِبَعضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ المُؤمِنِينَ وَالمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَن تَفعَلُوا إِلَى أَولِيَائِكُم مَّعرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِي الكِتَابِ مَسطُوراً )) روى القرطبي في الجامع لأحكام القران قوله تعالى: (( ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا )) روى إسماعيل بن إسحاق قال حدثنا محمد بن عبيد قال حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة أن رجلا قال: لو قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجت عائشة، فأنزل، الله تعالى: (( وماكان لكم أن تؤذوا رسول الله )).
ونزلت: (( وأزواجه أمهاتهم )) (الأحزاب:6) قال رجلا ولم يقل من هو الا ان غيره ذكر الاسم ومنهم القشيري أبو نصر عبد الرحمن: قال ابن عباس قال رجل من سادات قريش من العشرة الذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على حراء - في نفسه - لو توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم لتزوجت عائشة، وهي بنت عمي. قال مقاتل: هو طلحة بن عبيد الله..
وروى السيوطي في الدر المنثور وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردوية عن ابن عباس في قوله (( وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله... )) قال: نزلت في رجل هم أن يتزوج بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم بعده قال سفيان: ذكروا أنها عائشة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رجل: لئن مات محمد صلى الله عليه وسلم لأتزوجن عائشة. فأنزل الله (( وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله.... )).
وأخرج ابن أبي حاتم عن ألسدي قال: بلغنا أن طلحة بن عبيد الله قال: أيحجبنا محمد عن بنات عمنا، ويتزوج نساءنا من بعدنا، لئن حدث به حدث لنتزوجن نساءه من بعده. فنزلت هذه الآية.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة قال: قال طلحة بن عبيد الله: لو قبض النبي صلى الله عليه وسلم تزوجت عائشة. وأخرج ابن سعد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم في قوله (( وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله...)) قال: نزلت في طلحة بن عبيد الله لأنه قال: إذا توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجت عائشة.
وأخرج البيهقي في السنن عن ابن عباس قال: قال رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: لو قد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجت عائشة ربط مفسري العامة بين نزول الآيتين المذكورة كما اشار الى ذلك القرطبي وقالوا ان سببها قول بعض الصحابة ان مات محمد ليتزوج عائشة وذكر بعضهم ان القائل طلحه بن عبيد الله.

المبحث الثاني : ما المقصود من أمومتهن؟
ذكر العامة ان المقصود من أموتهن هو تشديد حرمة الزواج منهن حيث حرموا الدخول عليهن لأنهن ليس محرم قال إبن جرير الطبري (313هـ) في تفسيره:
حدثنا بشر، قال ثنا يزيد، قال ثنا سعيد، عن قتادة، قال في بعض القراءة: النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم وذكر لنا أن نبي الله (ص) قال: أيما رجل ترك ضياعا فأنا أولى به، وإن ترك مالاً فهو لورثته. وقوله: (( وَأَزوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُم )) يقول: وحرمة أزواجه حرمة أمهاتهم عليهم، في أنهن يحرم عليهن نكاحهن من بعد وفاته، كما يحرم عليهم نكاح أمهاتهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
- قال محمد بن عبد الله بن أبي زمنين (399هـ) في تفسيره:
(( النَّبِيُّ أَولَى بِالمُؤمِنِينَ مِن أَنفُسِهِم )) تفسير مجاهد: يعني: هو أبوهم، (( وَأَزوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُم )) أي: هن في التحريم مثل أمهاتهم.
- قال الحسين بن مسعود البغوي (510هـ) في تفسيره:
(( وَأَزوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُم )) وهو لهم وهن أمهات المؤمنين في تعظيم حقهن وتحريم نكاحهن على التأييد لا في النظر إليهن والخلوة بهن فإنه حرام في حقهن كما في حق الأجانب قال الله تعالى: (( وَإِذَا سَأَلتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ )) ولا يقال لبناتهن هن أخوات المؤمنين ولا لإخوانهم وأخواتهن هم أخوال المؤمنين وخالاتهم قال الشافعي تزوج الزبير أسماء بنت أبي بكر وهي أخت أم المؤمنين ولم يقل هي خالة المؤمنين وغيرها من المصادر اذا نظرنا وجدنا كلما هناك هو التحريم وهذا حكم شرعي لا يدل على ما ذهب اليه البعض من العامة والخاصة من اضافة اجلالهن واحترامهن، نعم تحرم وتجل من اطاعة النبي (صلى الله عليه وآله) فيما اوصاهن به فمن عصت لا احترام لها البته لأن من خالف اصول الشريعة لا احترام له والا لزم القول بان من خالف يحترم اذا كان احترامهن كمال والقران هددهن في حالة عدم المكوث في بيوتهن.

المبحث الثالث : عدم شمول امومتهن للمؤمنات
جاء في مصادر العامه عدم شمول امومتهن للمؤمنات الحسين بن مسعود البغوي في تفسيره: (.... واختلفوا في أنهن هل كن أمهات النساء المؤمنات قيل كن أمهات المؤمنين والمؤمنات جميعا وقيل كن أمهات المؤمنين دون النساء وروى الشعبي عن مسروق أن امرأة قالت لعائشة: يا أمه. فقالت: لست لك بأم إنما أنا أم رجالكم؛ فبان بهذا معنى هذه الأمومة تحريم نكاحهن) جار الله الزمخشري في تفسيره: وهن فيما وراء ذلك بمنزلة الأجنبيات ولذلك قالت عائشة: لسنا أمهات النساء، تعنى أنهن إنّما كنّ أمّهات الرجال لكونهنّ محرّمات عليهم كتحريم أمهاتهم، والدليل على ذلك أن هذا التحريم لم يتعد إلى بناتهن وكذلك ابن العربي المالكي في تفسيره: المقصود بذلك إنزالهن منزلة أمّهاتهم في الحُرمة حيث يتوقّع الحل والحل غير متوقّع بين النساء فلا يحجب بينهن بحرمة وقد روي أن امرأة قالت لعائشة: يا أماه. فقالت: لست لك بأم إنّما أنا أم رجالكم وهو الصحيح), وقال ابن الجوزي الحنبلي في تفسيره: وقد روى مسروق عن عائشة أن امرأة قالت: يا أماه، فقالت: لست لك بأم، إنما أنا أم رجالكم، فبان بهذا الحديث أن معنى الأمومة تحريم نكاحهن فقط وغيرها من المصادر فلو كان الاجلال والاحترام لهن بكونهن امهات المؤمنين سواء اطاعن ام عصين لما خرجن المؤمنات من امومتهن، فيتضح لمن كان له قلب سليم ان الاحترام منوط بالطاعة كما سيأتي.

المبحث الرابع : بعض الآيات الواردة في تحذيرهن
(( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَستُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيتُنَّ فَلا تَخضَعنَ بِالقَولِ فَيَطمَعَ الَّذِي فِي قَلبِهِ مَرَضٌ وَقُلنَ قَولا مَعرُوفًا * وَقَرنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاتَبَرَّجنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ )) (الاحزاب:32), قوله تعالى : (( يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا )) بعد ما حذر القران نساء النبي من الاقدام على احد هذه الامور:
1- عدم الخضوع في القول
2- الاقرار في البيوت
3- عدم التبرج
4- عدم اتيان الفواحش فقد اعد لمن عملت هذه لها ضعفين من العذاب علما بان النبي (صلى الله عليه وآله) له مقام عند الله فلماذا لم يبشرهن بمغفرته من دون ان يشترط التقوى كرامة لكونهن زوجات النبي كما يبرر بعض الخاصة والعامة؟ ترك الناس الدفاع عن النبي (صلى الله عليه وآله) وجعلوه ملك زواجاته يفعلن به ما يشائن حتى لو اسائن الادب والاحترام في حقه وغفلوا ان الله يدافع عن نبيه ص وغفلوا ايضا بان النبي للأمه ويجب عليها الدفاع عنه فمن تعرض للنبي ص يجب ان يوقف عند حده ولو كانت ابنته فاطمه (عليها السلام) وهذا فرض محال طبعا فمن عصت النبي (صلى الله عليه وآله) فيما يوجب كفرها فهي كافره لان الاحكام تشملها, ثم لو كانت قرابتهن من النبي (صلى الله عليه وآله) توجب الاحترام فأبو لهب اولى لأنه عمه والعم بمنزلة الأب مع ان القران ذكره بالخسة وتوعده بالنار (( مالكم كيف تحكمون )).

المبحث الخامس طاعة النبي (صلى الله عليه وآله) هي مدار الثواب والعقاببعد ان ذكرنا في المبحث السابق ان القران حذر نساء النبي (صلى الله عليه وآله) من ارتكاب المعصية وشدد عليهن وتوعدهن بأن يضاعف لهن العذاب وأشترط عليهن التقوى وطاعة رسوله يتبين لنا ان طاعة النبي هي مدار الثواب والعقاب فمن خالفت كان لها العقاب ضعفين
المبحث السادس : التحريم كرامة للنبي (صلى الله عليه وآله) لا لهن
ذكرت مصادر العامة ان سبب حرمة الزواج منهن وتنزيلهن منزلة الأم هو بسبب بعض الصحابة حيث اذى النبي بقوله ان مات محمد لأتزوج عائشة فتأذى النبي (صلى الله عليه وآله) من هذا فنزلت الآية (( وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما )), فالآية واضحه انها نزلت بسبب تأذي النبي من قول بعض الصحابة فالآية تبين قيمة واحترام ومقام النبي (صلى الله عليه وآله) عند الله.

الخاتمة
فالخصوصية التي اعطاها الله لزوجات النبي (صلى الله عليه وآله) والتي من ضمنها الامومة مشروطه بالتقوى وعدم التبرج وعدم اتيان الفاحشة وغيرها مما مر, فمن خالفت هذه الشروط سقطت هذه الخصوصية عنها ومن ضمنها الامومة, ومن يريد ان يستدل بعموم الآية نقول لهو كما جاء في الاثر القرآن يفسر بعضه بعضا.
نسأل الله ان يثبتنا على طاعته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قصيدة في الدفاع عن القران الكريم

                             هيهات لا يعتري القرآن تبديل ... وإن تبدل توراة وإنجيل                          قل للذين رموا هذا الكتاب بما ......