هل يجوز نسخ الكتاب بالسنة ؟ وهل يجوز نسخ المتواتر بالآحاد؟
ملحوظة : الموضوع منقول من المواقع السنية لتكون الحجة ابلغ .
http://vb.tafsir.net/tafsir3882/#.Vkci_V5DDIU
الجــــــــــــــــــــواب :
هذه المسألةَ اختلفَ فيها أهل العلم على قولينِ خُلاصتُهَا ما يلي :
القول الأول : عدم جوازِ نسخِ القرآنِ بالسنّةِ ، وبه قال الثوريُّ والشافعيُّ وأحمدُ – في روايةٍ – وطائفةٌ مِن أصحابِ الإمام مالكٍ .
قال الإمام الشافعيُّ :" وأبانَ الله لهم أنّه إنّمَا نسخَ ما نسخَ مِن الكتابِ بالكتابِ ، وأنّ السنّةَ لا ناسخة للكتابِ وإنّمَا هي تَبَعٌ للكتابِ ".(1 )
وسُئِلَ الإمام أحـمد : تنسخُ السنّةُ شيئًا مِن القرآنِ ؟ قـال :" لا يُنْسَخُ القرآنُ إلاّ بالقرآنِ ".( 2)
ورجَّحَ هذا القولَ ابنُ قدامةَ ( 3) وابنُ تيميةَ .( 4)
وأشهر أدلّتهم ما يلي :
1 – قول الله تعالى :مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا (البقرة:من الآية106) والسنّةُ لا تساوي القرآنَ ولا تكونُ خيرًا مِنه .( 5)
2 – قول الله تعالى :وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقّ(النحل: 101 - 102) .
3 – احْتَجَّ بعضهم بحديث جابرٍ أنّ النبيَّ قال : [ كَلامِي لا يَنْسَخُ كَلامَ الله ، وكَلامُ الله يَنْسَخُ كَلامِي ، وكَلامُ الله يَنْسَخُ بَعْضُهُ بَعْضَه ] ( 6).
وهذا الحديثُ لو صَحَّ لكانَ قاطعًا للنزاعِ لكن لَمْ يَصِحَّ . بل حُكِمَ عليه بالوضْعِ .
القول الثاني : جواز نسخِه ، وهو رأيُ أبي حنيفةَومالك وأكثر أصحابه ورواية عن الإمام أحمد وهو قولُ الأكثر(7) ورجّحه الشنقيطيّ (8 ) .
ودليلهم أنّ الكُلَّ مِن عند الله ، والناسخُ حقيقةً هو الله على لسانِ رسوله بِوَحْيٍ غيرِ نَظْمِ القرآنِ .(9 )
وبَسْطُ هذه المسألةِ بِذكْرِ أدلّةِ كُلِّ قولٍ وجواب كُلِّ فريقٍ عن أدلّةِ الآخر يَطُولُ وليس هذا مقامه ( 10)، وسواءً قُلنَا بالجوازِ أو بالمنعِ مِنه فإنّ هذه المسألةَ لا وجودَ لها أصلاً ، فلَمْ يَرِدْ نَصٌّ مِن السنّةِ نسخَ نَصًّا مِن القرآنِ ، والذينَ قالوا بالجوازِ لَمْ يذكرُوا مثالاً صحيحًا يؤيّدُ ما قالوه ، وما ذكرُوه مِن الأمثلةِِ - وهو قليلٌ جدًّا – غيرُ مسلّمٍ لهم ، إذْ هو مِن قَبِيلِ البيانِ أو التخصيصِ ، لا مِن قَبِيلِ النسخِ . أو هو مَنسوخٌ بآياتٍ أخرى مِن القرآنِ يعضدها ما ذكرُوه مِن السنّةِ
قال الزركشيُّ :" كُلُّ ما في القرآنِ مِمّا يُدَّعَى نَسْخُه بالسنّةِ عند مَن يراه فهو بيانٌ لحكمِ القرآنِ ".( 11)
وقال أبو الوفاءِ بن عقيل :" واختلفَ القائلونَ بذلك والمانعونَ مِنه هل وُجِدَ ذلك؟ فقال قومٌ : لَمْ يُوجد ذلك ، وإليه ذهب شيخنا الإمام أبو يعلى، وابن سريج مِن أصحابِ الشافعيّ ، وقومٌ مِن المتكلّمين ".( 12)
وقال شيخُ الإسلام ابن تيمية :" وبالجملةِ فلَمْ يثبت أنّ شيئًا مِن القرآنِ نُسِخَ بِسُنَّةٍ بلا قرآنٍ ".(13 )
وقال الزرقانيّ بعد أنْ ذكر أمثلةَ القائلينَ بِنَسْخِ القرآنِ بالسنّةِ وأجاب عنها :" ومِن هذا العرْضِ يخلص لنا أنّ نسخَ القرآنِ بالسنّةِ لا مانعَ يمنعهُ عقلاً ولا شرْعًا ،غايةُ الأمرِ أنّه لَمْ يقعْ لعدمِ سلامةِ أدلّةِ الوقوعِ كما رأيت ".(14 )
وقال البعليُّ( ) في الاختيارات الفقهيّة :" جميعُ ما يُدَّعَى مِن السنّةِ أنّه ناسـخٌ للقرآنِ غَلَط ".( 15)
وإذا تقرَّرَ هذا فإنّ الخلافَ في هذه المسألةِ خلافٌ لا يترتّبُ عليه أثرٌ كبير ، والخَطْبُ فيه يسير والله اعلم .
[line]الحاشية
( 1 ) الرسالة للشافعي صـ ( 106 ) .
( 2 ) انظر : جامع بيان العلم وفضله ( 2 / 564 ) .
( 3) انظر : روضة الناظر صـ ( 78 ) .
( 4 ) انظر : مجموع فتاوى ابن تيمية ( 17 / 195 ، 197 ) و ( 19 / 202 ) و ( 20 / 398 ) .
( 5 ) انظر : روضة الناظر صـ ( 78 ) ، الواضح في أصول الفقه ( 4 / 260 ) .
( 6) الحديث رواه الدارقطنيّ في سننه في كتاب : النوادر ( 4 / 145 ) برقم ( 9 ) ، ورواه ابن عديّ في الكامل في ضعفاء الرجال ( 2/443 ) ، ورواه ابنُ الجوزيّ في العلل المتناهية مِن طريق ابن عدي (1/125) برقم (190). قال ابنُ عديّ في الموضع المتقدّم :" حديثٌ مُنكر وفي إسناده جبرون بن واقد الأفريقي ".
وقال الذهبيّ عنه :" ليس بثقةٍ روى بقلّةِ حياءٍ عن سفيانَ عن ابي الزبير عن جابرٍ فذكر الحديث " انظر: المغني في الضعفاء ( 1 / 199 ) .
وقال ابنُ حجرٍ :" مُتّهمٌ " ونَقَلَ عن الذهبيّ أنّ الحديثَ موضوعٌ . انظر : لسان الميزان ( 2 / 117 ) .
وانظر : شرح مختصر الروضة ( 2 / 322 ) ، مذكرة في أصول الفقه صـ ( 83 ) .
( 7) انظر : إرشاد الفحول ( 3 / 639 ) .
( 8) انظر : مذكرة في أصول الفقه صـ ( 83 ) .
(9 ) انظر : روضة الناظر صـ ( 78 ) .
( 10 ) راجعه إن شئتَ : مِن كُتُبِ أصول الفقه : الرسالة صـ ( 106 ) ، الواضح في أصول الفقه ( 4/ 258 ) ، روضة الناظر صـ ( 78 ) ، شرح مختصر الروضة ( 2 /320 ) ، تقريب الوصول صـ ( 318 ) ، مجموع فتاوى ابن تيمية ( 17/ 195 ، 197 ) و ( 19/ 202 ) و ( 20/ 398 ) ، إرشاد الفحول ( 3/ 639 ) ، مذكرة اصول الفقه صـ ( 83 ) ، معالم أصول الفقه عند أهل السنّة والجماعة صـ ( 267 ) .
ومِن كُتُبِ علوم القرآن : البرهان في علوم القرآن ( 2 / 37 ) ، الإتقان في علوم القرآن ( 2 / 701 ) ، مناهل العرفان في علوم القرآن ( 2 / 237 ) وقد توسّعَ في الحديثِ عن المسألة .
( 11) البرهان في علوم القرآن ( 2 / 50 ) .
( 12) الواضح في أصول الفقه ( 4 / 260 ) .
( 13) مجموع فتاوى ابن تيمية ( 20 / 398 ) .
(14) مناهل العرفان في علوم القرآن ( 2 / 243 - 244 ) .
( 15) الاختيارات الفقهية صـ ( 13 ) .
ملحوظة : الموضوع منقول من المواقع السنية لتكون الحجة ابلغ .
http://vb.tafsir.net/tafsir3882/#.Vkci_V5DDIU
الجــــــــــــــــــــواب :
هذه المسألةَ اختلفَ فيها أهل العلم على قولينِ خُلاصتُهَا ما يلي :
القول الأول : عدم جوازِ نسخِ القرآنِ بالسنّةِ ، وبه قال الثوريُّ والشافعيُّ وأحمدُ – في روايةٍ – وطائفةٌ مِن أصحابِ الإمام مالكٍ .
قال الإمام الشافعيُّ :" وأبانَ الله لهم أنّه إنّمَا نسخَ ما نسخَ مِن الكتابِ بالكتابِ ، وأنّ السنّةَ لا ناسخة للكتابِ وإنّمَا هي تَبَعٌ للكتابِ ".(1 )
وسُئِلَ الإمام أحـمد : تنسخُ السنّةُ شيئًا مِن القرآنِ ؟ قـال :" لا يُنْسَخُ القرآنُ إلاّ بالقرآنِ ".( 2)
ورجَّحَ هذا القولَ ابنُ قدامةَ ( 3) وابنُ تيميةَ .( 4)
وأشهر أدلّتهم ما يلي :
1 – قول الله تعالى :مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا (البقرة:من الآية106) والسنّةُ لا تساوي القرآنَ ولا تكونُ خيرًا مِنه .( 5)
2 – قول الله تعالى :وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقّ(النحل: 101 - 102) .
3 – احْتَجَّ بعضهم بحديث جابرٍ أنّ النبيَّ قال : [ كَلامِي لا يَنْسَخُ كَلامَ الله ، وكَلامُ الله يَنْسَخُ كَلامِي ، وكَلامُ الله يَنْسَخُ بَعْضُهُ بَعْضَه ] ( 6).
وهذا الحديثُ لو صَحَّ لكانَ قاطعًا للنزاعِ لكن لَمْ يَصِحَّ . بل حُكِمَ عليه بالوضْعِ .
القول الثاني : جواز نسخِه ، وهو رأيُ أبي حنيفةَومالك وأكثر أصحابه ورواية عن الإمام أحمد وهو قولُ الأكثر(7) ورجّحه الشنقيطيّ (8 ) .
ودليلهم أنّ الكُلَّ مِن عند الله ، والناسخُ حقيقةً هو الله على لسانِ رسوله بِوَحْيٍ غيرِ نَظْمِ القرآنِ .(9 )
وبَسْطُ هذه المسألةِ بِذكْرِ أدلّةِ كُلِّ قولٍ وجواب كُلِّ فريقٍ عن أدلّةِ الآخر يَطُولُ وليس هذا مقامه ( 10)، وسواءً قُلنَا بالجوازِ أو بالمنعِ مِنه فإنّ هذه المسألةَ لا وجودَ لها أصلاً ، فلَمْ يَرِدْ نَصٌّ مِن السنّةِ نسخَ نَصًّا مِن القرآنِ ، والذينَ قالوا بالجوازِ لَمْ يذكرُوا مثالاً صحيحًا يؤيّدُ ما قالوه ، وما ذكرُوه مِن الأمثلةِِ - وهو قليلٌ جدًّا – غيرُ مسلّمٍ لهم ، إذْ هو مِن قَبِيلِ البيانِ أو التخصيصِ ، لا مِن قَبِيلِ النسخِ . أو هو مَنسوخٌ بآياتٍ أخرى مِن القرآنِ يعضدها ما ذكرُوه مِن السنّةِ
قال الزركشيُّ :" كُلُّ ما في القرآنِ مِمّا يُدَّعَى نَسْخُه بالسنّةِ عند مَن يراه فهو بيانٌ لحكمِ القرآنِ ".( 11)
وقال أبو الوفاءِ بن عقيل :" واختلفَ القائلونَ بذلك والمانعونَ مِنه هل وُجِدَ ذلك؟ فقال قومٌ : لَمْ يُوجد ذلك ، وإليه ذهب شيخنا الإمام أبو يعلى، وابن سريج مِن أصحابِ الشافعيّ ، وقومٌ مِن المتكلّمين ".( 12)
وقال شيخُ الإسلام ابن تيمية :" وبالجملةِ فلَمْ يثبت أنّ شيئًا مِن القرآنِ نُسِخَ بِسُنَّةٍ بلا قرآنٍ ".(13 )
وقال الزرقانيّ بعد أنْ ذكر أمثلةَ القائلينَ بِنَسْخِ القرآنِ بالسنّةِ وأجاب عنها :" ومِن هذا العرْضِ يخلص لنا أنّ نسخَ القرآنِ بالسنّةِ لا مانعَ يمنعهُ عقلاً ولا شرْعًا ،غايةُ الأمرِ أنّه لَمْ يقعْ لعدمِ سلامةِ أدلّةِ الوقوعِ كما رأيت ".(14 )
وقال البعليُّ( ) في الاختيارات الفقهيّة :" جميعُ ما يُدَّعَى مِن السنّةِ أنّه ناسـخٌ للقرآنِ غَلَط ".( 15)
وإذا تقرَّرَ هذا فإنّ الخلافَ في هذه المسألةِ خلافٌ لا يترتّبُ عليه أثرٌ كبير ، والخَطْبُ فيه يسير والله اعلم .
[line]الحاشية
( 1 ) الرسالة للشافعي صـ ( 106 ) .
( 2 ) انظر : جامع بيان العلم وفضله ( 2 / 564 ) .
( 3) انظر : روضة الناظر صـ ( 78 ) .
( 4 ) انظر : مجموع فتاوى ابن تيمية ( 17 / 195 ، 197 ) و ( 19 / 202 ) و ( 20 / 398 ) .
( 5 ) انظر : روضة الناظر صـ ( 78 ) ، الواضح في أصول الفقه ( 4 / 260 ) .
( 6) الحديث رواه الدارقطنيّ في سننه في كتاب : النوادر ( 4 / 145 ) برقم ( 9 ) ، ورواه ابن عديّ في الكامل في ضعفاء الرجال ( 2/443 ) ، ورواه ابنُ الجوزيّ في العلل المتناهية مِن طريق ابن عدي (1/125) برقم (190). قال ابنُ عديّ في الموضع المتقدّم :" حديثٌ مُنكر وفي إسناده جبرون بن واقد الأفريقي ".
وقال الذهبيّ عنه :" ليس بثقةٍ روى بقلّةِ حياءٍ عن سفيانَ عن ابي الزبير عن جابرٍ فذكر الحديث " انظر: المغني في الضعفاء ( 1 / 199 ) .
وقال ابنُ حجرٍ :" مُتّهمٌ " ونَقَلَ عن الذهبيّ أنّ الحديثَ موضوعٌ . انظر : لسان الميزان ( 2 / 117 ) .
وانظر : شرح مختصر الروضة ( 2 / 322 ) ، مذكرة في أصول الفقه صـ ( 83 ) .
( 7) انظر : إرشاد الفحول ( 3 / 639 ) .
( 8) انظر : مذكرة في أصول الفقه صـ ( 83 ) .
(9 ) انظر : روضة الناظر صـ ( 78 ) .
( 10 ) راجعه إن شئتَ : مِن كُتُبِ أصول الفقه : الرسالة صـ ( 106 ) ، الواضح في أصول الفقه ( 4/ 258 ) ، روضة الناظر صـ ( 78 ) ، شرح مختصر الروضة ( 2 /320 ) ، تقريب الوصول صـ ( 318 ) ، مجموع فتاوى ابن تيمية ( 17/ 195 ، 197 ) و ( 19/ 202 ) و ( 20/ 398 ) ، إرشاد الفحول ( 3/ 639 ) ، مذكرة اصول الفقه صـ ( 83 ) ، معالم أصول الفقه عند أهل السنّة والجماعة صـ ( 267 ) .
ومِن كُتُبِ علوم القرآن : البرهان في علوم القرآن ( 2 / 37 ) ، الإتقان في علوم القرآن ( 2 / 701 ) ، مناهل العرفان في علوم القرآن ( 2 / 237 ) وقد توسّعَ في الحديثِ عن المسألة .
( 11) البرهان في علوم القرآن ( 2 / 50 ) .
( 12) الواضح في أصول الفقه ( 4 / 260 ) .
( 13) مجموع فتاوى ابن تيمية ( 20 / 398 ) .
(14) مناهل العرفان في علوم القرآن ( 2 / 243 - 244 ) .
( 15) الاختيارات الفقهية صـ ( 13 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق