فدك بالأصل عبارة عن قطعة أرض
زراعية خصبة بالقرب من
خيبر. ولكن قضية فدك وما نشأ عنها وحولها يشكل أحد أكبر
المآسي في التاريخ
الإسلامي ويسلط ضوء الحقيقة على ما حدث بعد وفاة
النبي محمد (ص) حيث أن تلك الأرض هي ملك
لفاطمة الزهراء (ع) وقد صادرها واغتصبها منها
أبو بكر بعد وفاة
النبي محمد (ص). ولذلك يتحاشى الكثير من المؤرخين
الإسلاميين ذكر ومعالجة هذا الموضوع بكل صراحة وعقلانية
وموضوعية.
كانت فدك في الماضي لليهود
الذين كانوا يعيشون عند حصن خيبر. ولما رأوا نجاحات المسلمين
المتتالية أرسلوا وفداً يعرض المصالحة على
النبي محمد (ص). وبعد أن قبل
صلى
الله عليه وآله وسلم المصالحة ووقع الطرفان على
ذلك نقل المصالحون من اليهود ملكية نصف أرض فدك وفي روايات أُخرى
كل الأرض
للنبي محمد (ص)
و بذلك صارت ملكه الخاص.
بعد ذلك صار
النبي محمد (ص)
يوزع من ريعها وما تعود به على المحتاجين والفقراء حتى نزلت
الآية الكريمة في سورة الإسراء (17) الآية 26 من
القرآن الكريم والتي ورد فيها:
وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ
وبذلك قام
النبي محمد (ص)
منصاعاً لأمر
الله سبحانه و تعالى بإهداء فدك ونقل
ملكيتها إلى ابنته
فاطمة (ع) في 22
ربيع الأول في السنة الثالثة
للهجرة. وقد
ذكرت ذلك العديد الكثير من المصادر نذكر منها:
ورد في كنز العمال عن أبي سعيد
الخدري أنه قال: لما نزلت : (
وآت ذا القربى حقه ) قال
النبي ( ص ): يا
فاطمة لك فدك.
وورد في شواهد التنزيل الجزء
الأول في سند آخره ...عن
جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن
علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن
علي قال : لما نزلت :
"وآت ذا القربى حقه"
دعا
رسول الله
فاطمة (ع) فأعطاها فدكاً.
بعد وفاة
النبي محمد (ص) واستلام
أبو بكر الخلافة عقب اجتماع
السقيفة صادر
أبو بكر فدك من
فاطمة (ع) وادعى أنها ملك
للمسلمين.
من الجدير ذكره أن فدك كانت أرض
خصبة وكان لها ريع كبير ويروى أنها كانت تدر ما يعادل قيمته
24000 إلى 70000 دينار سنوياً وكان ذلك يعتبر مبلغاً
كبيراً في تلك الأيام ويثبت ذلك ما تعلل به
أبو بكر لما طالبته
فاطمة (ع) بأن يرجع إليها فدك من أن تلك الأرض ليست ملكاً
للنبي محمد (ص) وإنما ملك عام
للمسلمين يتم منه تمويل جيش
المسلمين.
ولما انتزع معاوية ابن أبي سفيان الحكم وزع فدك بين مروان ابن الحكم و عمرو ابن عثمان ابن عفان و ابنه يزيد ابن معاوية مما فيه تعارض صريح وواضح مع ادعاء كونها ملك عام للمسلمين.
ولما انتزع معاوية ابن أبي سفيان الحكم وزع فدك بين مروان ابن الحكم و عمرو ابن عثمان ابن عفان و ابنه يزيد ابن معاوية مما فيه تعارض صريح وواضح مع ادعاء كونها ملك عام للمسلمين.
اتفق فقهاء
المسلمين وعلماءهم على أن
النبي محمد (ص) سخر كل ما يملك في خدمة
الإسلام ولإعلاء كلمة
الله في الأرض. وكان يعيش
صلى
الله عليه وآله وسلم مع زوجته
خديجة (ع) والإمام
علي (ع) معهما حياة متواضعة بعيدة عن البذخ.
وقد كان
للنبي محمد (ص) حسب معرفته بالظروف المحيطة به وبالنيات
الحقيقية لبعض
أصحابه أن
الخلافة لن تستتب
للإمام علي (ع) كما أمر
الله ورسوله
وأنه سيغصب حقه وموقعه الذي أراده الله له في
غدير خُم.
ولذلك فإنه حسب الفقه الإسلامي الشيعي فإن النبي محمد (ص) أراد أن يؤمن مصدراً مالياً يكون دعامة للإمام علي (ع) ولأهل البيت (ع) لمساعدة الفقراء والمحتاجين وتأمين الاحتياجات المالية اللازمة لإدارة أمور الأمة الإسلامية دون أن يكون الأمر متعلقاً باستلامه الخلافة أو عدمه. وكان ذلك أحد الأهداف الرئيسية التي من أجلها جعل النبي محمد (ص) فدك ملكاً لفاطمة (ع) وتحت تصرفها. ولما غصبها منها أبو بكر طرد عمال فاطمة (ع) منها ووظف غيرهم.
ولذلك فإنه حسب الفقه الإسلامي الشيعي فإن النبي محمد (ص) أراد أن يؤمن مصدراً مالياً يكون دعامة للإمام علي (ع) ولأهل البيت (ع) لمساعدة الفقراء والمحتاجين وتأمين الاحتياجات المالية اللازمة لإدارة أمور الأمة الإسلامية دون أن يكون الأمر متعلقاً باستلامه الخلافة أو عدمه. وكان ذلك أحد الأهداف الرئيسية التي من أجلها جعل النبي محمد (ص) فدك ملكاً لفاطمة (ع) وتحت تصرفها. ولما غصبها منها أبو بكر طرد عمال فاطمة (ع) منها ووظف غيرهم.
وما حصل بين
فاطمة (ع)
ومن غصب
منها فدك ذُكر في مصادر عديدة نذكر منها ما رواه الطبرسي
في الاحتجاج
ما مفاده أنه لمّا بويع
أبو بكر، واستقام له الأمر على
المهاجرين
والأنصار، بعث إلى فدك من أخرج وكيل
فاطمة بنت
رسول اللَّه منها، فجاءت فاطمة (ع)
إلى أبي بكر ثم
قالت: لِمَ تمنعني ميراثي من أبي
رسول الله
(ص) وأخرجت وكيلي من فدك وقد جعلها لي
رسول الله (ص)
بأمر الله تعالى؟
فقال: هاتي على ذلك بشهود فجاءت أُم أيمن فقالت: لا أشهد يا أبا بكر حتى أحتج عليك بما قال رسول الله (ص). أنشدك بالله ألست تعلم أن رسول الله قال: أم أيمن امرأة من أهل الجنة؟ فقال: بلى. قالت: فأشهد أن الله عز وجل أوحى إلى رسول الله (ص) (وآت ذا القربى حقه) فجعل فدك لها طعمة بأمر الله تعالى. فجاء عليّ (ع) فشهد بمثل ذلك، فكتب لها كتاباً ودفعه إليها فدخل عمر فقال: ما هذا الكتاب؟ فقال: إن فاطمة ادَّعت في فدك وشهدت لها أُم أيمن وعليّ، فكتبته لها. فأخذ عمر الكتاب من فاطمة، فتفل فيه فمزَّقه، فخرجت فاطمة (ع) تبكي.
فقال: هاتي على ذلك بشهود فجاءت أُم أيمن فقالت: لا أشهد يا أبا بكر حتى أحتج عليك بما قال رسول الله (ص). أنشدك بالله ألست تعلم أن رسول الله قال: أم أيمن امرأة من أهل الجنة؟ فقال: بلى. قالت: فأشهد أن الله عز وجل أوحى إلى رسول الله (ص) (وآت ذا القربى حقه) فجعل فدك لها طعمة بأمر الله تعالى. فجاء عليّ (ع) فشهد بمثل ذلك، فكتب لها كتاباً ودفعه إليها فدخل عمر فقال: ما هذا الكتاب؟ فقال: إن فاطمة ادَّعت في فدك وشهدت لها أُم أيمن وعليّ، فكتبته لها. فأخذ عمر الكتاب من فاطمة، فتفل فيه فمزَّقه، فخرجت فاطمة (ع) تبكي.
فلما كان بعد ذلك جاء
عليّ
(ع) إلى أبي بكر وهو في المسجد وحوله
المهاجرون
والأنصار فقال: يا
أبا بكر لِمَ منعت
فاطمة ميراثها من
رسول الله
(ص) وقد مَلَكته في حياة
رسول الله؟؟ فقال أبو
بكر: هذا فيء
للمسلمين، فإن أقامت شهوداً أن
رسول الله جعله لها
وإلا فلا حق لها فيها فيه! فقال
عليّ: يا
أبا بكر تحكم بيننا
بخلاف حكم
الله في
المسلمين؟ قال: لا. قال: فإن كان في يد
المسلمين شيء يملكونه فادَّعيت أنا فيه مَن تسأل البينة؟ قال:
إياك أسأل، قال: فما بال
فاطمة سألتها البينة على ما في يديها،
وقد مَلَكته في حياة
رسول الله وبعده، ولم تسأل
المسلمين البينة
على ما ادَّعوها شهوداً كما سألتني على ما ادَّعيت عليهم؟؟
فسكت أبو بكر فقال: يا علي دعنا من كلامك، فإنّا لا نقوى على حجتك، فإن أتيت بشهود عدول، وإلاّ فهي فيء للمسلمين، لا حقَّ لك ولا لفاطمة فيه!!.
فقال عليّ (عليه السلام): يا أبا بكر تقرأ كتاب الله؟ قال: نعم. قال: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ (إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً). فيمن نزلت؟ فينا أو في غيرنا؟ قال: بل فيكم! قال: فلو أن شهوداً شهدوا على فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بفاحشة ما كنت صانعاً بها؟ قال: كنت أُقيم عليها الحد كما أُقيم على نساء المسلمين!!! قال عليّ: كنت إذن عند الله من الكافرين! قال: ولِمَ ؟ قال: لأنك رددت شهادة الله بالطهارة وقبلت شهادة الناس عليها، كما رددت حكم الله وحكم رسوله أن جعل لها فدك وزعمت أنها فيء للمسلمين وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): البينة على المدعي، واليمين على من ادُّعي عليه.
قال: فدمدم الناس، وأنكر بعضهم بعضاً، وقالوا: صدق - والله - عليّ. (إلى هنا)
فسكت أبو بكر فقال: يا علي دعنا من كلامك، فإنّا لا نقوى على حجتك، فإن أتيت بشهود عدول، وإلاّ فهي فيء للمسلمين، لا حقَّ لك ولا لفاطمة فيه!!.
فقال عليّ (عليه السلام): يا أبا بكر تقرأ كتاب الله؟ قال: نعم. قال: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ (إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً). فيمن نزلت؟ فينا أو في غيرنا؟ قال: بل فيكم! قال: فلو أن شهوداً شهدوا على فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بفاحشة ما كنت صانعاً بها؟ قال: كنت أُقيم عليها الحد كما أُقيم على نساء المسلمين!!! قال عليّ: كنت إذن عند الله من الكافرين! قال: ولِمَ ؟ قال: لأنك رددت شهادة الله بالطهارة وقبلت شهادة الناس عليها، كما رددت حكم الله وحكم رسوله أن جعل لها فدك وزعمت أنها فيء للمسلمين وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): البينة على المدعي، واليمين على من ادُّعي عليه.
قال: فدمدم الناس، وأنكر بعضهم بعضاً، وقالوا: صدق - والله - عليّ. (إلى هنا)
وفي مرة أُخرى عندما طالبت
فاطمة (ع) بفدك احتج
أبو بكر بأن
النبي (ص) لا يورث وقد ورد ذلك
في عدة مصادر مثل الاختصاص للشيخ المفيد
وبحار الأنوار
للعلامة
المجلسي.
ومن ذلك ما رواه
الشيخ المفيد
عن عبد الله ابن سنان عن
أبي عبد الله (ع) قال: لمّا قبض
رسول
اللَّه وجلس
أبو بكر مجلسه، بعث إلى وكيل
فاطمة صلوات
اللَّه
عليها فأخرجه من فدك.
فأتته فاطمة (عليها السَّلام) فقالت: يا أبا بكر! ادعيت أنك خليفة أبي، وجلست مجلسه، وأنت بعثت وكيلي فأخرجته من فدك، وقد تعلم أن رسول اللَّه صدّق بها عليّ، وأن لي بذلك شهوداً.
فقال: إن النبيَّ لا يورِّث!!
فرجعت إلى الإمام عليّ (عليه السَّلام) فأخبرته، فقال: ارجعي إليه وقولي له: زعمت أن النبيَّ لا يورّث "وورث سليمانُ داود" (سورة النمل، الآية 16) وورث يحيى زكريا، وكيف لا أرث أنا أبي؟!
فقال عمر: أنت معلّمة! قالت: وإن كنت معلّمة، فإنما علّمني ابن عمي وبعلي.
قال أبو بكر: فإن عائشة تشهد وعمر أنّهما سمعا رسول اللَّه وهو يقول: إن النبيّ لا يورّث! (إلى آخر الرواية)
فأتته فاطمة (عليها السَّلام) فقالت: يا أبا بكر! ادعيت أنك خليفة أبي، وجلست مجلسه، وأنت بعثت وكيلي فأخرجته من فدك، وقد تعلم أن رسول اللَّه صدّق بها عليّ، وأن لي بذلك شهوداً.
فقال: إن النبيَّ لا يورِّث!!
فرجعت إلى الإمام عليّ (عليه السَّلام) فأخبرته، فقال: ارجعي إليه وقولي له: زعمت أن النبيَّ لا يورّث "وورث سليمانُ داود" (سورة النمل، الآية 16) وورث يحيى زكريا، وكيف لا أرث أنا أبي؟!
فقال عمر: أنت معلّمة! قالت: وإن كنت معلّمة، فإنما علّمني ابن عمي وبعلي.
قال أبو بكر: فإن عائشة تشهد وعمر أنّهما سمعا رسول اللَّه وهو يقول: إن النبيّ لا يورّث! (إلى آخر الرواية)
ومن هنا يرفض فقهاء
المسلمين
الشيعة احتجاج
أبا بكر بأن الأنبياء لا يورثون لتعارض ذلك مع نص
القرآن الكريم كما أسهبت
فاطمة (ع) في إيضاحه في حين أن
المسلمين
السنة يتمسكون بتلك الحجة اقتداء
بأبي بكر رغم أنه سمح لابنته
عائشة أن ترث سهمها من حجرات
النبي (ص).
المثير للانتباه أن
عائشة عندما
طالبت
عثمان ابن عفان بإرثها من
النبي محمد (ص) فإنه احتج عليها
بما شهدت به من أن
الأنبياء لا يورثون مذكراً إياها بحرمان
فاطمة
من إرثها على هذا الأساس.
لما لم تكلل محاولات
فاطمة (ع) استرجاع فدك على المستوى الشخصي لجأت عليها سلام
الله إلى الرأي العام لعرض مظلوميتها على
المسلمين والمسلمات
وأعلمت الناس أنها ستخطب في المسجد. لما علم
المسلمون أن سيدة نساء العالمين وابنة
رسول رب العالمين (ص) ستخطب أقبل
المهاجرون والأنصار
ليستمعوا إليها. ويروى أنها عليها السلام أقبلت في لمّة من
حفدتها ونساء قومها تطأ ذيولها، ما تخرم مشيتها مشية
رسول اللَّه (ص) حتى دخلت على
أبي بكر وهو في حشد من
المهاجرين والأنصار
وغيرهم، فنيطت دونها ملاءة، فجلست ثم أنّتْ أنّةً أجهش القوم لها
بالبكاء، فارتجّ المجلس، ثم أمهلت هنيئة حتى إذا سكن نشيج القوم،
وهدأت فورتهم، افتتحت الكلام بحمد
اللَّه والثناء عليه، والصلاة على
رسول اللَّه فعاد القوم في بكائهم، فلمّا أمسكوا عادت في
كلامها. وروت تلك
الخطبة التي تعرف أيضاً
بالخطبة الفدكية العديد من مصادر
المسلمين الشيعة والمسلمين
السنة.
يا ابنة رسول اللَّه (ص) لقد كان أبوك بالمؤمنين عطوفاً كريماً رؤوفاً رحيماً وعلى الكافرين عذاباً أليماً وعقاباً عظيماً، فإن عزوناه وجدناه أباك دون النساء، وأخاً لبعلك دون الأخلاّء، آثره على كل حميم، وساعده في كل أمر جسيم، لا يحبّكم إلا كلّ سعيد، ولا يبغضكم إلا كلّ شقي، فأنتم عترة رسول اللَّه (ص) الطيّبون، والخيرة المنتجبون، على الخير أدلّتنا، وإلى الجنّة مسالكنا، وأنتِ يا خيرة النساء وابنة خير الأنبياء، صادقة في قولك، سابقة في وفور عقلك، غير مردودة عن حقّك، ولا مصدودة عن صدقك، واللَّه ما عدوت رأي رسول اللَّه (ص)، ولا عملت إلاّ بإذنه، وإنّ الرائد لا يكذب أهله، وإني أُشهد اللَّه وكفى به شهيداً إني سمعت رسول اللَّه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) يقول: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث ذهباً ولا فضّة ولا داراً ولا عقاراً وإنّما نورث الكتاب والحكمة والعلم والنبوة، وما كان لنا من طعمة فلولي الأمر بعدنا أنْ يحكم فيه بحكمه، وقد جعلنا ما حاولته في الكراع والسلاح يقاتل به المسلمون ويجاهدون الكفار، ويجالدون المردة الفجّار وذلك بإجماع من المسلمين لم أتفرّد به وحدي، ولم أستبدّ بما كان الرأي فيه عندي، وهذه حالي ومالي هي لك وبين يديك لا نزوى عنك ولا ندّخر دونك، وأنت سيدة أُمة أبيك، والشجرة الطيبة لبنيك، لا ندفع ما لك من فضلك، ولا نوضع من فرعك وأصلك، حكمك نافذ فيما ملكت يداي فهل ترين أن أخالف في ذلك أباك؟.
فقالت (عليها السَّلام): سبحان اللَّه ما كان رسول اللَّه (ص) عن كتاب اللَّه صادفاً ولا لأحكامه مخالفا، بل كان يتّبع أثره، ويقفو سوره، أفتجمعون إلى الغدر اعتلالاً عليه بالزور؟ وهذا بعد وفاته شبيه بما بغي له من الغوائل في حياته، هذا كتاب الله حكما عدلاً، وناطقا فصلاً، يقول: (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ)، (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ) فبيّن عزّ وجلّ فيما وزّع عليه من الأقساط، وشرّع من الفرائض والميراث، وأباح من حظ الذكران والإناث ما أزاح علّة المبطلين، وأزال التظنّي والشبهات في الغابرين.
(قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ).
فقال أبو بكر: صدق اللَّه وصدق رسول اللَّه وصدقت ابنته، أنتِ معدن الحكمة وموطن الهدى والرحمة، وركن الدين، وعين الحجّة، لا أبعد صوابك، ولا أنكر خطابك، هؤلاء المسلمون بيني وبينك قلّدوني ما قلّدت، وباتفاق منهم أخذت ما أخذت، غير مكابر ولا مستبدّ، ولا مستأثر، وهم بذلك شهود.
فالتفتت فاطمة (عليها السَّلام) إلى الناس وقالت:
معاشر الناس المسرعة إلى قيل الباطل، المغضية على الفعل القبيح الخاسر (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) كلا بل ران على قلوبكم ما أسأتم من أعمالكم، فأخذ بسمعكم وأبصاركم، ولبئس ما تأولتم، وساء ما به أشرتم، وشرّ ما منه اغتصبتم، لتجدنّ والله محمله ثقيلاً، وغبّه وبيلاً، إذا كشف لكم الغطاء، وبان وراءه الضرّاء، وبدا لكم من ربكم ما لم تكونوا تحتسبون، وخسر هنالك المبطلون ..(للكلام بقية)
وفي شرح
نهج البلاغة يروي ابن أبي الحديد في أمر فدك: ...وسألت علي
بن الفارقيّ مدرّس المدرسة الغربية ببغداد، فقلت له: أكانت
فاطمة عليها السلام صادقة ؟
قال: نعم .
قلت: فَلِم لم يدفع إليها أبو بكر فَدَك وهي عنده صادقة ؟
فتبسّم، ثمّ قال كلاماً لطيفاً مستحسناً مع ناموسه وحُرْمته وقلّة دعابته، قال: لو أعطاها اليوم فدك بمجرّد دعواها لجاءت إليه غداً وادّعت لزوجها الخلافة، وزحزحته عن مقامه، ولم يكن يمكنه الاعتذار والموافقة بشيءٍ؛ لاَنّه يكون قد أسجل على نفسه أنّها صادقة فيما تدّعي كائناً ما كان من غير حاجة إلى بيّنة ولا شهود . (إلى هنا)
قال: نعم .
قلت: فَلِم لم يدفع إليها أبو بكر فَدَك وهي عنده صادقة ؟
فتبسّم، ثمّ قال كلاماً لطيفاً مستحسناً مع ناموسه وحُرْمته وقلّة دعابته، قال: لو أعطاها اليوم فدك بمجرّد دعواها لجاءت إليه غداً وادّعت لزوجها الخلافة، وزحزحته عن مقامه، ولم يكن يمكنه الاعتذار والموافقة بشيءٍ؛ لاَنّه يكون قد أسجل على نفسه أنّها صادقة فيما تدّعي كائناً ما كان من غير حاجة إلى بيّنة ولا شهود . (إلى هنا)
وحسب الروايات فإن
عمر ابن الخطاب كان يحرص بحجج مختلفة على تهدئة روع
أبو بكر عندما خشي غضب الناس وأقنعه أن الناس ستنسى ذلك
قريباً ووعظه بعمل أشياء صالحة تمحي ما أقدم عليه من ظلم
فاطمة (ع) على أساس أن الحسنات تمحي السيئات.
ولقضية فدك في عهد
أبي بكر وعمر
تفاصيل كثيرة أُخرى لا يتسع المجال لذكرها هنا ويمكن الاطلاع
عليها في الكثير من المصادر والمراجع التي أسهبت في سرد وقائع
مظلومية
فاطمة بنت
رسول الله (ص).
وهكذا أصر
أبو بكر وعمر
ابن الخطاب على غصب فدك من
فاطمة (ع) التي استشهدت في ظروف مؤلمة بعد فترة قصيرة وهي في
مقتبل عمرها.
ولما استلم
عثمان ابن عفان
الخلافة زاد الطين بلة بإعطائه فدك لقريبه
مروان ابن الحكم. وكانت أمثال تلك التصرفات تجاه أقاربه من
الأسباب الرئيسية للثورة ضده والتي انتهت بقتله. أما
مروان ابن الحكم فكان ريع الأرض يدر عليه على الأقل 10000
دينار في السنة وكان بسبب ذلك يزداد ثراءً يوماً بعد يوم وعاماً
بعد عام.
ولما قبل
الإمام علي (ع) باستلام
الخلافة لم يأمر باسترجاع فدك. بعض
المسلمون السنة يستنتجون من ذلك أن غصب فدك من
فاطمة كان شرعياً. أما
المسلمون الشيعة يفسرون ذلك بأن الحاكم أو الإنسان صاحب منصب
معين لا يستغل موقعه للوصول إلى مآرب شخصية حتى ولو كان صاحب حق
في ذلك حيث أن موقعه ذلك إنما هو ليحق الحق وينشر العدل لرعيته
وللآخرين وبذلك كان هذا التصرف حجة على ما اعتاد عليه الحكام
الأمويون من اسغلال موقعهم السلطوي لتحصيل أكثر ما أمكن من
المآرب الشخصية مهما كان الثمن.
ولما احتكر
معاوية ابن أبي سفيان
الخلافة لنفسه شارك
مروان ابن الحكم وغيره في فدك حيث صار يعطي
مروان ثلث ريعها وعمرو ابن
عثمان ابن عفان ثلثاً وابنه
يزيد ابن معاوية الثلث الآخر. واستمر ذلك على هذه الحال حتى
احتكر
مروان ابن الحكم
الخلافة واستملك فدك كاملة. وفيما بعد أهداها لابنيه
عبد الملك ابن مروان وعبد العزيز ابن مروان. أما عبد العزيز
فقد أهدى نصيبه منها إلى ابنه
عمر ابن عبد العزيز.
وورد في كتاب "فدك في التاريخ"
للعلامة الشهيد
السيد محمد باقر الصدر ما مفاده أنه لما تولى
عمر ابن عبد العزيز
الخلافة رد فدك على ولد
فاطمة عليها السلام وكتب إلى واليه على
المدينة أبى بكر بن عمرو بن حزم يأمره بذلك ، فكتب إليه : (
إن
فاطمة قد ولدت في آل عثمان وآل فلان وفلان فعلى من أرد منهم
؟ فكتب إليه : أما بعد ، فإني لو كتبت إليك أمرك أن تذبح بقرة
لسألتني ما لونها! فإذا ورد عليك كتابي هذا فاقسمها في ولد
فاطمة (ع) من
علي (ع)، فنقمت
بنو أمية ذلك على
عمر ابن عبد العزيز وعاتبوه فيه وقالوا له : هجنت فعل
الشيخين.
وقيل : إنه خرج إليه عمر بن قيس في جماعة من أهل الكوفة فلما عاتبوه على فعله قال لهم : إنكم جهلتم وعلمت، ونسيتم وذكرت، إن أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم حدثني عن أبيه عن جده أن رسول الله (ص):
"فاطمة بضعة مني يسخطها ما يسخطني ، ويرضيني ما أرضاها" وإن فدك كانت صافية على عهد أبي بكر وعمر ثم صار أمرها إلى مروان فوهبها لعبد العزيز أبي فورثتها أنا واخوتي عنه فسألتهم أن يبيعوني حصتهم منها فمن بائع وواهب حتى استجمعت لي فرأيت أن أردها على ولد فاطمة.
فقالوا له : فإن أبيت إلا هذا فامسك الأصل واقسم الغلة ، ففعل.
ثم انتزعها يزيد بن عبد الملك من أولاد فاطمة فصارت في أيدي بني مروان حتى انقرضت دولتهم.
فلما قام أبو العباس السفاح بالأمر وتقلد الخلافة ردها على عبد الله بن الحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب ثم قبضها أبو جعفر المنصور في خلافته من بني الحسن وردها المهدي بن المنصور على الفاطميين ثم قبضها موسى بن المهدي من أيديهم.
ولم تزل في أيدي العباسيين حتى تولى المأمون الخلافة فردها على الفاطميين سنة 210 هجرية وكتب بذلك إلى قثم بن جعفر عامله على المدينة : أما بعد ، فإن أمير المؤمنين بمكانه من دين الله وخلافة رسوله (ص) والقرابة به أولى من استن سنته ، ونفذ أمره ، وسلم لمن منحه منحة وتصدق عليه بصدقة منحته وصدقته وبالله توفيق أمير المؤمنين وعصمته وإليه في العمل بما يقربه إليه رغبته ، وقد كان رسو ل الله (ص) أعطى فاطمة بنت رسول الله فدك وتصدق بها عليها ، وكان ذلك أمراً ظاهراً معروفاً لا اختلاف فيه بين آل رسول الله (ص) ولم تزل تدعي منه ما هو أولى به من صدق عليه ، فرأى أمير المؤمنين أن يردها إلى ورثتها ويسلمها إليهم تقرباً إلى الله تعالى بإقامة حقه وعدله وإلى رسول الله (ص) بتنفيذ أمره وصدقته ، فأمر بإثبات ذلك في دواوينه والكتاب به إلى عماله ، فلئن كان ينادى في كل موسم بعد أن قبض الله نبيه (ص) أن يذكر كل من كانت له صدقة أو هبة أو عدة ذلك فيقبل قوله وتنفذ عدته ، إن فاطمة رضي الله عنها لأولى بأن يصدق قولها فيما جعل رسول الله (ص) لها ، وقد كتب أمير المؤمنين إلى المبارك الطبري - مولى أمير المؤمنين - يأمره برد فدك على ورثة فاطمة بنت رسول الله (ص) بحدودها وجميع حقوقها المنسوبة إليها وما فيها من الرقيق والغلات وغير ذلك ، وتسليمها إلى محمد بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب ومحمد بن عبد الله بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب لتولية أمير المؤمنين إياهما القيام بها لأهلها . فاعلم ذلك من رأى أمير المؤمنين وما ألهمه الله من طاعته ووفقه له من التقرب إليه وإلى رسوله (ص) وأعلمه من قبلك ، وعامل محمد بن يحيى ومحمد بن عبد الله بما كنت تعامل به المبارك الطبري ، وأعنهما على ما في عمارتها ومصلحتها ووفور غلاتها إن شاء الله والسلام.
وقيل : إنه خرج إليه عمر بن قيس في جماعة من أهل الكوفة فلما عاتبوه على فعله قال لهم : إنكم جهلتم وعلمت، ونسيتم وذكرت، إن أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم حدثني عن أبيه عن جده أن رسول الله (ص):
"فاطمة بضعة مني يسخطها ما يسخطني ، ويرضيني ما أرضاها" وإن فدك كانت صافية على عهد أبي بكر وعمر ثم صار أمرها إلى مروان فوهبها لعبد العزيز أبي فورثتها أنا واخوتي عنه فسألتهم أن يبيعوني حصتهم منها فمن بائع وواهب حتى استجمعت لي فرأيت أن أردها على ولد فاطمة.
فقالوا له : فإن أبيت إلا هذا فامسك الأصل واقسم الغلة ، ففعل.
ثم انتزعها يزيد بن عبد الملك من أولاد فاطمة فصارت في أيدي بني مروان حتى انقرضت دولتهم.
فلما قام أبو العباس السفاح بالأمر وتقلد الخلافة ردها على عبد الله بن الحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب ثم قبضها أبو جعفر المنصور في خلافته من بني الحسن وردها المهدي بن المنصور على الفاطميين ثم قبضها موسى بن المهدي من أيديهم.
ولم تزل في أيدي العباسيين حتى تولى المأمون الخلافة فردها على الفاطميين سنة 210 هجرية وكتب بذلك إلى قثم بن جعفر عامله على المدينة : أما بعد ، فإن أمير المؤمنين بمكانه من دين الله وخلافة رسوله (ص) والقرابة به أولى من استن سنته ، ونفذ أمره ، وسلم لمن منحه منحة وتصدق عليه بصدقة منحته وصدقته وبالله توفيق أمير المؤمنين وعصمته وإليه في العمل بما يقربه إليه رغبته ، وقد كان رسو ل الله (ص) أعطى فاطمة بنت رسول الله فدك وتصدق بها عليها ، وكان ذلك أمراً ظاهراً معروفاً لا اختلاف فيه بين آل رسول الله (ص) ولم تزل تدعي منه ما هو أولى به من صدق عليه ، فرأى أمير المؤمنين أن يردها إلى ورثتها ويسلمها إليهم تقرباً إلى الله تعالى بإقامة حقه وعدله وإلى رسول الله (ص) بتنفيذ أمره وصدقته ، فأمر بإثبات ذلك في دواوينه والكتاب به إلى عماله ، فلئن كان ينادى في كل موسم بعد أن قبض الله نبيه (ص) أن يذكر كل من كانت له صدقة أو هبة أو عدة ذلك فيقبل قوله وتنفذ عدته ، إن فاطمة رضي الله عنها لأولى بأن يصدق قولها فيما جعل رسول الله (ص) لها ، وقد كتب أمير المؤمنين إلى المبارك الطبري - مولى أمير المؤمنين - يأمره برد فدك على ورثة فاطمة بنت رسول الله (ص) بحدودها وجميع حقوقها المنسوبة إليها وما فيها من الرقيق والغلات وغير ذلك ، وتسليمها إلى محمد بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب ومحمد بن عبد الله بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب لتولية أمير المؤمنين إياهما القيام بها لأهلها . فاعلم ذلك من رأى أمير المؤمنين وما ألهمه الله من طاعته ووفقه له من التقرب إليه وإلى رسوله (ص) وأعلمه من قبلك ، وعامل محمد بن يحيى ومحمد بن عبد الله بما كنت تعامل به المبارك الطبري ، وأعنهما على ما في عمارتها ومصلحتها ووفور غلاتها إن شاء الله والسلام.
ولما بويع
المتوكل على الله انتزعها من الفاطميين وأقطعها عبد الله بن
عمر البازيار وكان فيها إحدى عشرة نخلة غرسها
رسول الله (ص) بيده الكريمة ، فوجه عبد الله بن عمر البازيار
رجلاً يقال له : بشران بن أبي أمية الثقفي إلى
المدينة فصرم تلك النخيل ثم عاد إلى البصرة ففلج. وينتهي آخر
عهد الفاطميين بفدك بخلافة
المتوكل ومنحه إياها عبد الله ابن عمر البازيار. (إلى هنا)
وقد ذكر العلامة أبو الحسن علي
ابن عيسى الإربلي في كشف الغمة: ...وردها
المعتضد وحازها
المكتفى. وقيل ان
المقتدر ردها عليهم...
بعد تلك الحقبة قلما يوجد ذكر
لمصير فدك ولما آل إليها مصيرها ولكنها بقيت حية في ذاكرة
التاريخ كشاهد حق على مظلومية
أهل البيت (ع) رفعت
فاطمة (ع) بها الستار عن الكثير من الانحرافات التي حصلت بعد
وفاة
النبي محمد (ص) حيث أن مطلبها من فدك لم يكن دنيوي وإنما
حرصاً منها على تسليط الضوء على الحق ليبقى جلياً للعيان للأبد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق