السبت، 24 سبتمبر 2016

 القدرة والارادة
* -     عن سليم بن قيس الهلالي قال : سمعت عليا عليه السلام يقول لابي الطفيل  عامر بن واثلة الكنانى : يا أبا الطفيل العلم علمان : علم لا يسع الناس إلا النظر فيه وهو  صبغة الاسلام ، وعلم يسمع الناس ترك النظر فيه وهو قدرة الله عزوجل . 


* -     جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال : أيقدر الله  أن يدخل الارض في بيضة ولا تصغر الارض ولا تكبر البيضة ؟ فقال له : ويلك إن الله  لا يوصف بالعجز ومن أقدر ممن يلطف الارض ويعظم البيضة ؟ . 


* -     عن أبي المعتمر مسلم بن أوس قال : حضرت  مجلس علي عليه السلام في جامع الكوفة فقام إليه رجل مصفر اللون كأنه من متهودة  اليمن فقال : يا أمير المؤمنين صف لنا خالقك وانعته لنا كأنا نراه وننطر إليه ، فسبح  علي عليه السلام ربه وعظمه عزوجل ، وقال : الحمد لله الذي هو أول لابدئ مما ، ولا  باطن فيما ، ولا يزال مهما ، ولا ممازج مع ما ، ولا خيال وهما ، ليس بشبح فيرى ، ولا  بجسم فيتجزأ ، ولابذي غاية فيتناهى ، ولا بمحدث فيبصر ، ولا بمستتر فيكشف ، ولا  بذي حجب فيحوى ، كان ولا أماكن تحمله أكنافها ، ولاحملة ترفعه بقوتها ، ولا كان  بعد أن لم يكن ، بل حارت الاوهام أن يكيف المكيف للاشياء ، ومن لم يزل بلا مكان  ولا يزول باختلاف الازمان ، ولا ينقلب شأنا بعد شأن ، البعيد من حدس القلوب ،  المتعالي عن الاشباه والضروب ، الوتر علام الغيوب ، فمعاني الخلق عنه منفية ، وسرائرهم  عليه غير خفية ، المعروف بغير كيفية ، لا يدرك بالحواس ، ولا يقاس بالناس ، ولاتدركه  الابصار ، ولاتحيطه الافكار ، ولاتقدره العقول ، ولا تقع عليه الاوهام ، فكلما  قدره عقل أو عرف له مثل فهو محدود ، وكيف يوصف بالاشباح وينعت بالالسن  الفصاح من لم يحلل في الاشياء فيقال : هو فيها كائن ، ولم ينأعنها فيقال : هو عنها بائن ،  ولم يخل منها فيقال : أين ، ولم يقرب منها بالالتزاق ، ولم يبعد عنها بالافتراق ، بل هو  في الاشياء بلا كيفية ، وهو أقرب إلينا من حبل الوريد ، وأبعد من الشبهة من كل  بعيد ، لم يخلق الاشياء من اصول أزلية ، ولامن أوائل كانت قبله بدية ، بل خلق ما خلق  وأتقن خلقه ، وصور ما صور فأحسن صورته ، فسبحان من توحد في علوه فليس لشئ  منه امتناع ، ولاله بطاعة أحد من خلقه انتقام ، إجابته للداعين سريعة ، والملائكة  له في السماوات والارض مطيعة ، كلم موسى تكليما بلا جوارح وأدوات ولا شفة ولا  لهوات ، سبحانه وتعالى عن الصفات ، فمن زعم أن إله الخلق محدود فقد جهل الخالق  المعبود . والخطبة طويلة أخذنا منها موضع الحاجة . 

* -     سئل أمير المؤمنين عليه السلام بم عرفت ربك ؟ قال : بما عرفني نفسه ، لا  يشبهه صورة ، ولايقاس بالناس ، قريب في بعده ، بعيد في قربه ، فوق كل شئ ولا يقال  شئ تحته ، وتحت كل شئ ولايقال شئ فوقه ، أمام كل شئ ولا يقال شئ خلفه ، وخلف  كل ولا يقال شئ أمامه ، داخل في الاشياء لاكشئ في شئ ، سبحان من هو هكذا  لاهكذا غيره . 


* -     بينا أمير المؤمنين عليه السلام يخطب على منبر الكوفة ، إذ قام إليه رجل  يقال له : ذعلب ، ذرب اللسان ، بليغ في الخطاب ، شجاع القلب ، فقال : يا أمير المؤمنين  هل رأيت ربك ؟ فقال : ويلك يا ذعلب ما كنت أعبد ربا لم أره ؟ قال : يا أمير المؤمنين  كيف رأيته ؟ قال : يا ذعلب لم تره العيون بمشاهدة الابصار ولكن رأته القلوب  بحقائق الايمان ، ويلك يا ذعلب إن ربي لطيف اللطافة فلا يوصف باللطف ، عظيم  العظمة لا يوصف بالعظم ، كبير الكبرياء لايوصف بالكبر ، جليل الجلالة لا يوصف  بالغلظ ، قبل كل شئ لا يقال شئ قبله ، وبعد كل شئ لا يقال له بعد ، شاء الاشياء  لا بهمة ، دراك لا بخديعة هو في الاشياء كلها غير متمازج بها ولا بائن عنها ، ظاهر لا  بتأويل المباشرة ، متجل لاباستهلال رؤية ، بائن لا بمسافة ، قريب لا بمداناة ، لطيف  لا بتجسم ، موجود لابعد عدم ، فاعل لا باضطرار ، مقدر لا بحركة ، مريد لا بهمامة ،  سميع لا بآلة ، بصير لابأداة ، لاتحويه الاماكن ، ولا تصحبه الاوقات ، ولاتحده  الصفات ، ولا تأخذه السنات ، سبق الاوقات كونه ، والعدم وجوده ، والابتداء أزله ،  بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر له ، وبتجهيره الجواهر عرف أن لا جوهر له ، وبمضاد ته بين  الاشياء عرف أن لا ضد له ، وبمقارنته بين الاشياء عرف أن لاقرين له ، ضاد النور بالظلمة ، والجسوء بالبلل ، والصرد بالحرور ، مؤلف بين معتادياتها ، مفرق بين متدانياتها ،  دالة بتفريقها على مفرقها ، وبتأليفها على مؤلفها ، وذلك قوله عزوجل : " ومن كل شئ  خلقنا زوجين لعلكم تذكرون " ففرق بها بين قبل وبعد ليعلم أن لاقبل له ولابعد ، شاهدة  بغرائزها أن لا غريزة لمغرزها ، مخبرة بتوقيتها أن لاوقت لموقتها ، حجب بعضها عن بعض  ليعلم أن لاحجاب بينه وبين خلقه غير خلقه ، كان ربا ولامربوب ، وإلها ولامألوه ، وعالما  إذ لامعلوم ، وسميعا إذلامسموع . ثم أنشأ يقول :
ولم يزل سيدي بالحمد معروفا       ولم يزل سيدي بالجود موصوفا
وكان إذ ليس نور يستضاء به       ولا ظلام على الآفاق معكوفا
فربنا بخلاف الخلق كلهم           وكل ما كان في الاوهام موصوفا
ومن يرده على التشبيه ممتثلا         يرجع أخا حصر بالعجز مكتوفا
وفي المعارج يلقى موج قدرته         موجا يعارض طرف الروح مكفوفا
فاترك أخا جدل في الدين منعمقا        قد باشر الشك فيه الرأي مأووفا
واصحب أخاثقة حبا لسيده            وبالكرامات من مولاه محفوفا
أمسى دليل الهدى في الارض مبتسما       وفي السماء جميل الحال معروفا
قال : فخر ذعلب مغشيا عليه ثم أفاق وقال : ما سمعت بهذا الكلام ، ولا أعود  إلى شئ من ذلك .

* -     ومن خطبة له عليه السلام . الحمد لله خالق العباد ، وساطح المهاد ، ومسيل  الوهاد ، ومخصب النجاد ، ليس لاوليته ابتداء ، ولالازليته انقضاء ، هو الاول لم يزل ،  والباقي بلا أجل ، خرت له الجباه ، ووحدته الشفاه ، حد الاشياء عند خلقه لها إبانة  له من شبهها ، لا تقدره الاوهام بالحدود والحركات ، ولا بالجوارح والادوات ، لا  يقال له : متى ، ولايضرب له أمد بحتى ، الظاهر لا يقال : مما ، والباطن لا يقال : فيما ،  لاشبح فيتقضى ، ولا محجوب فيحوى ، لم يقرب من الاشياء بالتصاق ، ولم يبعد عنها  بافتراق ، لا يخفى عليه من عباده شخوص لحظة ولاكرور لفظة ولا ازدلاف ربوة و  لا انبساط خطوة في ليل داج ولا غسق ساج ، يتفيأ عليه القمر المنير ، وتعقبه الشمس  ذات النور في الافول والكرور ، وتقليب الازمنة والدهور ، من إقبال ليل مقبل ، و  إدبارنهار مدبر ، قبل كل غاية ومدة ، وكل إحصاء وعدة ، تعالى عما ينحله المحددون  من صفات الاقدار ، ونهايات الاقطار ، وتأثل المساكن ، وتمكن الاماكن ، فالحد  لخلقه مضروب ، وإلى غيره منسوب ، لم يخلق الاشياء من اصول أزلية ، ولامن أوائل  أبدية ، بل خلق ما خلق فأقام حده ، وصور ما صور فأحسن صورته ، ليس لشئ منه  امتناع ، ولاله بطاعة شئ انتفاع ، علمه بالاموات الماضين كعلمه بالاحياء الباقين ، وعلمه  بما في السموات العلى كعلمه بما في الارضين السفلى . 


* -     من خطبة له عليه السلام : الحمد لله الذي بطن خفيات الامور ، ودلت  عليه أعلام الظهور ، وامتنع على عين البصير ، فلا عين من لم يره تنكره ، ولا قلب من  أثبته يبصره ، سبق في العلو فلا شئ أعلامنه ، وقرب في الدنو فلا شئ أقرب منه ، فلا  استعلاؤه باعده عن شئ من خلقه ، ولا قربه ساواهم في المكان به ، لم يطلع العقول على  تحديد صفته ، ولم يحجبها عن واجب معرفته ، فهو الذي تشهد له أعلام الوجود على إقرار  قلب ذي الجحود ، تعالى الله عما يقول المشبهون به والجاحدون له علوا كبيرا .

* -     من خطبة له عليه السلام : الحمد لله الذي لم تسبق له حال حالا أو لاقبل أن يكون آخرا ، ويكون ظاهرا قبل أن يكون باطنا ، كل مسمى بالوحدة  غيره قليل ، وكل عزيز غيره ذليل ، وكل قوي غيره ضعيف ، وكل مالك غيره مملوك ،  وكل عالم غيره متعلم ، وكل قادر غيره يقدر ويعجز ، وكل سميع غيره يصم عن لطيف  الاصوات ويصمه كبيرها ، ويذهب عنه ما بعد منها ، وكل بصير غيره يعمى عن خفي الالوان  ولطيف الاجسام ، وكل ظاهر غيره غير باطن ، وكل باطن غيره غير ظاهر ، لم يخلق ما خلقه  لتشديد سلطان ، ولا تخوف من عواقب زمان ، ولا استعانة على ند مثاور ، ولا شريك  مكاثر ، ولاضد منافر ، ولكن خلائق مربوبون ، وعباد داخرون ، لم يحلل في الاشياء  فيقال : هو فيها كائن ، ولم ينأعنها فيقال : هو منها بائن ، لم يؤده خلق ما ابتدأ ، ولا تدبير  ماذرأ ، ولا وقف به عجز عما خلق ، ولا ولجت عليه شبهة فيما قضى وقدر ، بل قضاء  متقن ، وعلم محكم ، وأمر مبرم ، المأمول مع النقم ، المرهوب مع النعم . 


* -     من خطبة له عليه السلام : المعروف من غيررؤية ، والخالق من غير  رؤية ، الذي لم يزل قائما دائما ، إذ لاسماء ذات أبراج ، ولاحجب ذات ارتاج ، ولادليل  داج ، ولابحر ساج ، ولا جبل ذو فجاج ، ولافج ذواعوجاج ، ولاأرض ذات مهاد ، ولاخلق  ذواعتماد ، ذلك مبتدع الخلق ووارثه ، وإله الخلق ورازقه ، والشمس والقمر دائبان في  مرضاته ، يبليان كل جديد ، ويقربان كل بعيد ، قسم أرزاقهم وأحصى آثارهم وأعمالهم ،  وعدد أنفاسهم وخائنة أعينهم وما تخفي صدورهم من الضمير ، ومستقرهم ومستودعهم  من الارحام والظهور ، إلى أن تتناهي بهم الغايات ، هو الذي اشتدت نقمته على أعدائه  في سعة رحمته ، واتسعت رحمته لاوليائه في شدة نقمته ، قاهر من عازه ،  ومدمر من  شاقه ، ومذل من ناواه ، وغالب من عاداه ، من توكل عليه كفاه ، ومن سأله أعطاه ،  ومن أقرضه قضاه ، ومن شكره جزاه . عباد الله زنوا أنفسكم من قبل أن توزنوا ،  وحاسبوها من قبل أن تحاسبوا ، وتنفسوا قبل ضيق الخناق ، وانقادوا قبل عنف السياق ،  واعلموا أنه من لم يعن على نفسه حتى يكون له منها واعظ وزاجر لم يكن له من  غيرها زاجر ولاواعظ .

* -     ومن خطبة له عليه السلام : لايشغله شأن ، ولايغيره زمان ، ولا يحويه مكان ،  ولا يصفه لسان ، ولا يعزب عنه قطر الماء ، ولا نجوم السماء ولاسوا في الريح في الهواء ،ولادبيب النمل على الصفا ، ولا مقيل الذر في الليلة الظلماء ، يعلم مساقط الاوراق وخفي  طرف الاحداق


 * -     عن نوف البكالي قال : خطبنا بهذه الخطبه أمير المؤمنين عليه السلام  - وهو قائم علي حجارة نصبها له جعدة بن هبيرة المخزومي وعليه مدرعة من صوف وحمائل سيفه ليف ، وفي رجليه نعلان من ليف ، وكأن جبينه ثفنة بعير - فقال عليه السلام : الحمد  لله الذي إليه مصائر الخلق وعواقب الامر ، نحمده على عظيم إحسانه ونير برهانه ،  ونوامي فضله وامتنانه ، حمدا يكون لحقه قضاءا ولشكره أداءا ، وإلى ثوابه مقربا ،  ولحسن مزيده موجبا ، ونستعين به استعانة راج لفضله ، مؤمل لنفعه ، واثق بدفعه ،  معترف له بالطول ، مذعن له بالعمل والقول ، ونؤمن به إيمان من رجاه موقتا ؟ ، وأناب  إليه مؤمنا ، وخنع له مذعنا وأخلص له موحدا ، وعظمه ممجدا ، ولاذبه راغبا مجتهدا ،  لم يولد سبحانه فيكون في العز مشاركا ، ولم يلد فيكون موروثا هالكا ، ولم يتقدمه وقت  ولازمان ، ولم يتعاوره زيادة ولانقصان ، بل ظهر للعقول بما أرانا من علامات التدبير المتقن  والقضاء المبرم ، فمن شواهد خلقه خلق السموات موطدات بلاعمد ، قائمات بلاسند ،  دعاهن فأجبن طائعات مذعنات ، غير متلكئات ولامبطئات ، ولولاإقرار هن له بالربوبية  وإذعانهن بالطواعية لما جعلهن موضعا لعرشه ، ولامسكنا لملائكته ، ولامصعدا للكلم  الطيب والعمل الصالح من خلقه ، جعل نجومها أعلاما يستدل بها الحيران في مختلف فجاج  الاقطار لم يمنع ضوء نورها إدلهمام سجف الليل المظلم ، ولا استطاعت جلابيب سواد  الحنادس أن ترد ما شاع في السموات من تلالؤ نور القمر ، فسجان من لايخفى عليه سواد غسق  داج ، ولاليل ساج في بقاع الارضين المتطاطئات ، ولافي يفاع السفع المتجاورات ، وما  يتجلجل به الرعد في افق السماء ، وما تلاشت عنه بروق الغمام ، وما تسقط من ورقة  تزيلها عن مسقطها عواصف الانواء وانهطال السماء ، ويعلم مسقط القطرة ومقرها ، و  مسحب الذرة ومجرها ، وما يكفي البعوضة من قوتها ، وما تحمل الانثى في بطنها .  والحمد لله الكائن قبل أن يكون كرسي أو عرش او سماء أو أرض أو جان أو إنس ، لايدرك  بوهم ، ولايقدر بفهم ، ولا يشغله سائل ، ولا ينقصه نائل ، ولا ينظر بعين ، ولايحد بأين ، و  لا يوصف بالازواج ، ولا يخلق بعلاج ، ولا يدرك بالحواس ، ولا يقاس بالناس ، الذي  كلم موسى تكليما ، وأراه من آياته عظيما ، بلا جوارح ولاأدوات ، ولانطق ولالهوات  بل إن كنت صادقا أيها المتكلف لوصف ربك فصف جبرئيل وميكائيل وجنود الملائكة  المقربين في حجرات القدس مرجحنين ، متولهة عقولهم أن يحدوا حسن الخالقين ، و  إنما يدرك بالصفات ذووا الهيئات والادوات ، ومن ينقضي إذا بلغ أمد حده بالفناء  فلا إله إلاهو ، أضاء بنوره كل ظلام ، وأظلم بظلمته كل نور . 


* -     في وصيته للحسن المجتبى صلوات الله عليهما : واعلم يا بني أنه لو  كان لربك شريك لاتتك رسله ، ولرأيت آثار ملكه وسلطانه ، ولعرفت أفعاله وصفاته ،  ولكنه إله واحد كما وصف نفسه ، لا يضاده في ملكه أحد ، ولا يزول أبدا ، ولم يزل  أو لاقبل الاشياء بلا أولية ، وآخرا بعد الاشياء بلا نهاية ، عظم عن أن تثبت ربوبيته  بإحاطة قلب أو بصر . 


* -     من خطبة له عليه السلام الحمد لله الذي انحسرت الاوصاف عن كنه  معرفته ، وردعت عظمته العقول فلم تجد مساغا إلى بلوغ غاية ملكوته ، هو الله الحق  المبين ، أحق وأبين مماتراه العيون ، لم تبلغه العقول بتحديد فيكون مشبها ، ولم تقع  عليه الاوهام بتقدير فيكون ممثلا ، خلق الخلق على غير تمثيل ولا مشورة مشير ، ولا  معونة معين ، فتم خلقه بأمره ، وأذعن لطاعته فأجاب ولم يدافع ، وانقاد ولم ينازع . 


* -     من خطبة له عليه السلام : كل شئ خاشع له ، وكل شئ قائم به ، غنى  كل فقير ، وعز كل ذليل ، وقوة كل ضعيف ، ومفزع كل ملهوف ، من تكلم سمع  نطقه ، ومن سكت علم سره ، ومن عاش فعليه رزقه ، ومن مات فاليه منقلبه ، لم ترك  العيون فتخبر عنك بل كنت قبل الواصفين من خلقك ، لم تخلق الخلق لوحشة ، ولا  استعملتهم لمنفعة ، ولايسبقك من طلبت ، ولايفلتك من أخذت ، ولا ينقص سلطانك  من عصاك ، ولايزيد في ملكك من أطاعك ، ولا يرد أمرك من سخط قضاءك ، ولايستغني  عنك من تولى عن أمرك ، كل سر عندك علانية ، وكل غيب عندك شهادة ، أنت الابد  لاأمد لك ، وأنت المنتهى لامحيص عنك ، وأنت الموعد لا منجأمنك إلا إليك ، بيدك  ناصية كل دابة ، وإليك مصير كل نسمة ، سبحانك ما أعظم ما نرى من خلقك ، وما أصغر  عظمه في جنب قدرتك ، وما أهول ما نرى من ملكوتك ، وما أحقر ذلك فيما غاب عنا  من سلطانك ، وما أسبغ نعمتك في الدنيا ، وما أصغرها في نعم الآخرة . 


* -     خطب علي بن أبي طالب عليه السلام بهذه الخطبة في يوم الجمعة  فقال : الحمد لله المتوحد بالقدم والاولية ، الذي ليس له غاية في دوامه ولاله أولية ،  أنشأ صنوف البرية لامن اصول كانت بدية ، وارتفع عن مشاركة الانداد ، وتعالى عن  اتخاذ صاحبة وأولاد ، هو الباقي بغير مدة ، والمنشئ لابأعوان ولا بآلة ، فطن ولا  بجوارح صرف ما خلق ، لايحتاج إلى محاولة التفكير ، ولا مزاولة مثال ولا تقدير ، أحدثهم  على صنوف من التخطيط والتصوير ، لابروية ولاضمير ، سبق علمه في كل الامور ، و  نفذت مشيته في كل ما يريد من الازمنة والدهور ، انفرد بصنعه الاشياء فأتقنها بلطائف  التدبير ، سبحانه من لطيف خبير ، ليس كمثله شئ وهو السميع البصير . 


* -     من خطبة له عليه السلام : وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، الاول  لاشئ قبله والآخر لاغاية له ، لاتقع الاوهام له على صفة ولاتعقد القلوب منه على كيفية  ولاتناله التجزئة والتبعيض ولاتحيط به الابصار والقلوب .  وقال عليه السلام : قد علم السرائر وخبر الضمائر ، له الاحاطة بكل شئ ، والغلبة  لكل شئ ، والقوة على كل شئ . 
* -      وقال عليه السلام : الحمد لله العلي عن شبه المخلوقين ، الغالب لمقال الواصفين ، الظاهر  بعجائب تدبيره للناظرين ، والباطن بجلال عزته عن فكر المتوهمين ، العالم بلا اكتساب  ولاازدياد ولاعلم مستفاد ، المقدر لجميع الامور بلا روية ولا ضمير ، الذي لاتغشاه  الظلم ، ولا يستضئ بالانوار ، ولا يرهقه ليل ، ولا يجري عليه نهار ، ليس إدراكه  بالابصار ، ولاعلمه بالاخبار 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قصيدة في الدفاع عن القران الكريم

                             هيهات لا يعتري القرآن تبديل ... وإن تبدل توراة وإنجيل                          قل للذين رموا هذا الكتاب بما ......