الجمعة، 23 سبتمبر 2016

ثلاثة عناصر تشكل دور علي عليه السلام في الفتوحات

ثلاثة عناصر تشكل دور علي عليه السلام في الفتوحات

العنصر الأول : في دور علي عليه السلام في الفتوحات أن تلاميذه تصدوا لقيادة معاركها ، حتى لو تعطهم السلطة دوراً القيادة العليا . كما نرى في خالد بن سعيد بن العاص و أبي ذر و حذيفة بن اليمان و هاشم المرقال و الأشتر و حجر بن عدي و غيرهم . و كل واحد منهم يحتاج إلى دراسة خاصة .
أما العنصر الثاني : فهو أن عمر بن الخطاب بعد هزيمة المسلمين في معركة الجسر مع القوات الإيرانية ، أعطى علياً عليه السلام الدور الأساسي في إدارة الفتوحات !
ذلك أن الفرس طمعوا في استرجاع المناطق التي فتحوها ، و هي البصرة و الكوفة و المدائن و جلولاء و خانقين و قسم من الأهواز ، فاستجمعوا قواهم و جمعوا مائة و خمسين ألف مقاتل في نهاوند ، و قرروا أن يجتاحوا هذه المناطق ثم يزحفوا إلى المدينة المنورة ، لاستئصال أصل دين العرب بزعمهم !
فهذه المرحلة كانت سبباً في أن الخليفة عمر أطلق يد علي عليه السلام في إدارة الفتوحات ، فقد روت المصادر أن عمر خاف خوفاً شديداً ، فاستشار كبار الصحابة ، و عمل برأي علي عليه السلام و أطلق يده في إدارة الفتح و إرسال القادة الذين يختارهم ، فاختار النعمان بن مقرن ، فإن قتل فحذيفة ، فإن قتل فجرير بن عبد الله البجلي ، و كانت معركة نهاوند الفاصلة التي قصمت قوة فارس !
قال ابن الأعثم في الفتوح : 2 / 290 : ( ذكر كتاب عمار بن ياسر إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما : بسم الله الرحمن الرحيم ، لعبد الله عمر أمير المؤمنين من عمار بن ياسر ، سلام عليك . أما بعد فإن ذا السطوات و النقمات المنتقم من أعدائه ، المنعم على أوليائه ، هو الناصر لأهل طاعته على أهل الإنكار و الجحود من أهل عداوته ، و مما حدث يا أمير المؤمنين أن أهل الري و سمنان و ساوه و همذان و نهاوند و أصفهان و قم و قاشان و راوند و اسفندهان و فارس و كرمان و ضواحي أذربيجان قد اجتمعوا بأرض نهاوند ، في خمسين و مائة ألف من فارس و راجل من الكفار ، و قد كانوا أمَّروا عليهم أربعة من ملوك الأعاجم ، منهم ذو الحاجب خرزاد بن هرمز ، و سنفاد بن حشروا ، و خهانيل بن فيروز ن و شروميان بن اسفنديار ، و أنهم قد تعاهدوا و تعاقدوا و تحالفوا و تكاتبوا و تواصوا و تواثقوا ، على أنهم يخرجوننا من أرضنا ، و يأتونكم من بعدنا ، و هم جمع عتيد و بأس شديد ، و دواب فَرِهٌ و سلاح شاك ، و يد الله فوق أيديهم . فإني أخبرك يا أمير المؤمنين أنهم قد قتلوا كل من كان منا في مدنهم ، و قد تقاربوا مما كنا فتحناه من أرضهم ، و قد عزموا أن يقصدوا المدائن ، و يصيروا منها إلى الكوفة ، و قد والله هالنا ذلك و ما أتانا من أمرهم و خبرهم ، و كتبت هذا الكتاب إلى أمير المؤمنين ليكون هو الذي يرشدنا و على الأمور يدلنا ، و الله الموفق الصانع بحول و قوته ، و هو حسبنا و نعم الوكيل ، فرأي أمير المؤمنين أسعده الله فيما كتبته . و السلام .
قال : فلما ورد الكتاب على عمر بن الخطاب رضي الله عنه و قرأه و فهم ما فيه وقعت عليه الرعدة و النفضة ، حتى سمع المسلمون أطيط أضراسه ! ثم قام عن موضعه حتى دخل المسجد و جعل ينادي : أين المهاجرون و الأنصار ! ألا فاجتمعوا رحمكم الله ، و أعينوني أعانكم الله ! ). انتهى . و في تاريخ الطبري : 3 / 209 : ( و كتب إليه أيضاً عبد الله و غيره بأنه قد تجمع منهم خمسون و مائة ألف مقاتل ، فإن جاؤونا قبل أن نبادرهم الشدة ، ازدادوا جرأة و قوة... ثم نقل الطبري مشورة عمر للصحابة و قوله : ( أفمن الرأي أن أسير فيمن قبلي و من قدرت عليه ، حتى أنزل منزلا واسطاً بين هذين المصرين فأستنفرهم ، ثم أكون لهم رداء حتى يفتح الله عليهم و يقضى ما أحب ، فإن فتح الله عليهم أن أضربهم عليهم في بلادهم و ليتنازعوا ملكهم ... ؟
فقام طلحة ابن عبيد الله و كان من خطباء أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) فتشهد ثم قال : أما بعد يا أمير المؤمنين فقد أحكمتك الأمور و عجمتك البلايا و احتنكتك التجارب ، و أنت و شأنك و أنت و رأيك ، لا ننبو في يديك و لا نكل عليك . إليك هذا الأمر فمرنا نطع و ادعنا نجب ، و احملنا نركب ، و أوفدنا نفد ، و قدنا ننقد ، فإنك ولي هذا الأمر ، و قد بلوت و جربت و اختبرت ، فلم ينكشف شئ من عواقب قضاء الله لك إلا عن خيار . ثم جلس .
فعاد عمر فقال : إن هذا يوم له ما بعده من الأيام فتكلموا . فقام عثمان بن عفان فتشهد و قال : أرى يا أمير المؤمنين أن تكتب إلى أهل الشام فيسيروا من شامهم ، و تكتب إلى أهل اليمن فيسيروا من يمنهم ، ثم تسير أنت بأهل هذين الحرمين إلى المصرين الكوفة و البصرة ، فتلقى جمع المشركين بجمع المسلمين ، فإنك إذا سرت بمن معك و عندك ، قل في نفسك ما قد تكاثر من عدد القوم ، و كنت أعز عزاً و أكثر... ثم جلس .
فعاد عمر فقال : إن هذا يوم له ما بعده من الأيام فتكلموا . فقام علي بن أبي طالب فقال : أما بعد يا أمير المؤمنين فإنك إن أشخصت أهل الشام من شامهم سارت الروم إلى ذراريهم ، و إن أشخصت أهل اليمن من يمنهم سارت الحبشة إلى ذراريهم ، و إنك إن شخصت من هذه الأرض انتقضت عليك الأرض من أطرافها و أقطارها ، حتى يكون ما تدع وراءك أهم إليك مما بين يديك من العورات و العيالات ! أقْرِرْ هؤلاء في أمصارهم ، و اكتب إلى أهل البصرة فليتفرقوا فيها ثلاث فرق : فلتقم فرقة لهم في حرمهم و ذراريهم ، و لتقم فرقة في أهل عهدهم لئلا ينتقضوا عليهم ، و لتسر فرقة إلى إخوانهم بالكوفة مدداً لهم . إن الأعاجم إن ينظروا إليك غداً قالوا هذا أمير العرب و أصل العرب ، فكان ذلك أشد لكلبهم و ألبتهم على نفسك . و أما ما ذكرت من مسير القوم فإن الله هو أكره لمسيرهم منك ، و هو أقدر على تغيير ما يكره . و أما ما ذكرت من عددهم ، فإنا لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة و لكنا كنا نقاتل بالنصر . فقال عمر : أجل والله لئن شخصت من البلدة لتنتقضن عليَّ الأرض من أطرافها و أكنافها ، و لئن نظرت إلى الأعاجم لا يفارقن العرصة ، و ليمدنهم من لم يمدهم و ليقولن هذا أصل العرب ، فإذا اقتطعتموه اقتطعتم أصل العرب ) . انتهى .
و في نهج البلاغة : 2 / 29 : ( و قد استشاره عمر بن الخطاب في الشخوص لقتال الفرس بنفسه : إن هذا الأمر لم يكن نصره و لا خذلانه بكثرة و لا قلة ، و هو دين الله الذي أظهره ، و جنده الذي أعده و أمده ، حتى بلغ ما بلغ و طلع حيث طلع . و نحن على موعود من الله ، و الله منجز وعده و ناصر جنده .
و مكان القيم بالأمر مكان النظام من الخرز يجمعه و يضمه ، فإن انقطع النظام تفرق و ذهب ، ثم لم يجتمع بحذافيره أبداً . و العرب اليوم و إن كانوا قليلاً ، فهم كثيرون بالإسلام و عزيزون بالإجتماع ، فكن قطباً ، و استدر الرحى بالعرب ، و أصلهم دونك نار الحرب ، فإنك إن شخصت من هذه الأرض انتقضت عليك العرب من أطرافها و أقطارها ، حتى يكون ما تدع وراءك من العورات أهم إليك مما بين يديك !
إن الأعاجم إن ينظروا إليك غداً يقولوا هذا أصل العرب ، فإذا قطعتموه استرحتم ، فيكون ذلك أشد لكلبهم عليك و طمعهم فيك . فأما ما ذكرت من مسير القوم إلى قتال المسلمين ، فإن الله سبحانه هو أكره لمسيرهم منك ، و هو أقدر على تغيير ما يكره . و أما ما ذكرت من عددهم فإنا لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة ، و إنما كنا نقاتل بالنصر و المعونة ) .
و وصف ابن الأعثم في الفتوح : 2 / 291 ، مشاورة عمر للصحابة فقال : ( أيها الناس : هذا يوم غم و حزن فاستمعوا ما ورد عليَّ من العراق ، فقالوا : و ما ذاك يا أمير المؤمنين ؟ فقال : إن الفرس أمم مختلفة أسماؤها و ملوكها و أهواؤها و قد نفخهم الشيطان نفخة فتحزبوا علينا ، و قتلوا من في أرضهم من رجالنا ، و هذا كتاب عمار بن ياسر من الكوفة يخبرني بأنهم قد اجتمعوا بأرض نهاوند ، في خمسين و مائة ألف ، و قد سربوا عسكرهم إلى حلوان و خانقين و جلولاء ، و ليست لهم همة إلا المدائن و الكوفة ، و لئن وصلوا إلى ذلك فإنها بلية على الإسلام و ثلمة لا تسد أبداً ، و هذا يوم له ما بعده من الأيام ، فالله الله يا معشر المسلمين ! أشيروا عليَّ رحمكم الله ، فإني قد رأيت رأياً ، غير أني أحب أن لا أقدم عليه إلا بمشورة منكم ، لأنكم شركائي في المحبوب و المكروه .
ذكر ما أشار به المسلمون على عمر رضي الله عنه :
و كان أول من وثب على عمر بن الخطاب و تكلم : طلحة بن عبيد الله فقال : يا أمير المؤمنين ، إنك بحمد الله رجل قد حنكته الدهور و أحكمته الأمور و راضته التجارب في جميع المقانب ، فلم ينكشف لك رأي إلا عن رضى ، و أنت مبارك الأمر ميمون النقيبة ، فنفذنا ننفذ ، و احملنا نركب ، و ادعنا نجب .
قال : ثم وثب الزبير بن العوام فقال : يا أمير المؤمنين إن الله تبارك و تعالى قد جعلك عزاً للدين.... و بعد فأنت بالمشورة أبصر من كل من في المسجد ، فاعمل برأيك فرأيك أفضل ، و مرنا بأمرك فها نحن بين يديك .
فقال عمر : أريد غير هذين الرأيين ، قال : فوثب عبد الرحمن بن عوف الزهري فقال : يا أمير المؤمنين ، إن كل متكلم يتكلم برأيه ، و رأيك أفضل من رأينا ، لما قد فضلك الله عز و جل علينا ، و أجرى على يديك من موعود ربنا ، فاعمل برأيك و اعتمد على خالقك ، و توكل على رازقك و سر إلى أعداء الله بنفسك ، و نحن معك ، فإن الله عز و جل ناصرك بعزه و سلطانه كما عودك من فضله و إحسانه .
فقال عمر : أريد غير هذا الرأي ، فتكلم عثمان بن عفان رضي الله عنه فقال : يا أمير المؤمنين إنك قد علمت و علمنا أنا كنا بأجمعنا على شفا حفرة من النار فأنقذنا الله منها بنبيه محمد ( صلى الله عليه و آله ) ، و قد اختارك لنا خليفة نبينا محمد ، و قد رضيك الأخيار و خافك الكفار ، و نفر عنك الأشرار ، و أنا أشير عليك أن تسير أنت بنفسك إلى هؤلاء الفجار بجميع من معك من المهاجرين و الأنصار ، فتحصد شوكتهم و تستأصل جرثومتهم . فقال عمر رضي الله عنه : و كيف أسير أنا بنفسي إلى عدوي و ليس بالمدينة خيل و لا رجل ، فإنما هم متفرقون في جميع الأمصار ؟
فقال عثمان : صدقت يا أمير المؤمنين ، و لكني أرى أن تكتب إلى أهل الشام فيقبلوا عليك من شامهم ، و إلى أهل اليمن فيقبلوا إليك من يمنهم ، ثم تسير بأهل الحرمين مكة و المدينة إلى أهل المصرين البصرة و الكوفة ، فتكون في جمع كثير و جيش كبير ، فتلقى عدوك بالحد و الحديد و الخيل و الجنود .
قال فقال عمر : هذا أيضاً رأي ليس يأخذ بالقلب ، أريد غير هذا الرأي .
قال : فسكت الناس ، و التفت عمر رضي الله عنه إلى علي رضي الله عنه فقال : يا أبا الحسن ! لم لا تشير بشئ كما أشار غيرك ؟
ذكر مشورة علي بن أبي طالب رضوان الله عليه :
قال : فقال علي : يا أمير المؤمنين ، إنك قد علمت أن الله تبارك و تعالى بعث نبيه محمداً صلى الله عليه و آله و ليس معه ثان و لا له في الأرض من ناصر و لا له من عدوه مانع ، ثم لطف تبارك و تعالى بحوله و قوته و طوله ، فجعل له أعواناً أعز بهم دينه ، و شد أزره و شيد بهم أمره ، و قصم بهم كل جبار عنيد و شيطان مريد ، و أرى موازريه و ناصريه من الفتوح و الظهور على الأعداء ما دام به سرورهم و قرت به أعينهم ، و قد تكفل الله تبارك و تعالى لأهل هذا الدين بالنصر و الظفر و الاعزاز . و الذي نصرهم مع نبيهم و هم قليلون ، هو الذي ينصرهم اليوم إذ هم كثيرون....
و بعد فقد رأيت قوماً أشاروا عليك بمشورة بعد مشورة فلم تقبل ذلك منهم ، ولم يأخذ بقلبك شئ مما أشاروا به عليك ، لأن كل مشير إنما يشير بما يدركه عقله ، و أعملك يا أمير المؤمنين أنك إن كتبت إلى الشام أن يقبلوا إليك من شامهم لم تأمن من أن يأتي هرقل في جميع النصرانية فيغير على بلادهم ، و يهدم مساجدهم ، و يقتل رجالهم ، و يأخذ أموالهم ، و يسبي نساءهم و ذريتهم !
و إن كتبت إلى أهل اليمن أن يقبلوا من يمنهم ، أغارت الحبشة أيضاً على ديارهم و نسائهم و أموالهم و أولادهم ! و إن سرت بنفسك مع أهل مكة و المدينة إلى أهل البصرة و الكوفة ، ثم قصدت بهم قصد عدوك ، انتقضت عليك الأرض من أقطارها و أطرافها ، حتى إنك تريد بأن يكون من خلفته و راءك أهم إليك مما تريد أن تقصده ، و لا يكون للمسلمين كانفة تكنفهم ، و لا كهف يلجؤون إليه ، و ليس بعدك مرجع و لا موئل ، إذ كنت أنت الغاية و المفزع و الملجأ . فأقم بالمدينة و لا تبرحها ، فإنه أهيب لك في عدوك ، و أرعب لقلوبهم ، فإنك متى غزوت الأعاجم بنفسك يقول بعضهم لبعض : إن ملك العرب قد غزانا بنفسه ، لقلة أتباعه و أنصاره ، فيكون ذلك أشد لكلبهم عليك و على المسلمين ، فأقم بمكانك الذي أنت فيه ، و ابعث من يكفيك هذا الأمر . و السلام .
قال : فقال عمر رضي الله عنه : يا أبا الحسن ! فما الحيلة في ذلك و قد اجتمعت الأعاجم عن بكرة أبيها بنهاوند في خمسين و مائة ألف ، يريدون استئصال المسلمين ؟
فقال له علي بن أبي طالب : الحيلة أن تبعث إليهم رجلاً مجرباً قد عرفته بالبأس و الشدة ، فإنك أبصر بجندك و أعرف برجالك ، و استعن بالله و توكل عليه و استنصره للمسلمين ، فإن استنصاره لهم خير من فئة عظيمة تمدهم بها ، فإن أظفر الله المسلمين فذلك الذي تحب و تريد ، و إن يكن الأخرى و أعوذ بالله من ذلك ، تكون ردءا للمسلمين و كهفاً يلجؤون إليه و فئة ينحازون إليها .
قال فقال له عمر : نعم ما قلت يا أبا الحسن ! و لكني أحببت أن يكون أهل البصرة و أهل الكوفة هم الذين يتولون حرب هؤلاء الأعاجم ، فإنهم قد ذاقوا حربهم و جربوهم و مارسوهم في غير موطن . قال فقال له علي رضي الله عنه :
إن أحببت ذلك فاكتب إلى أهل البصرة أن يفترقوا على ثلاث فرق : فرقة تقيم في ديارهم فيكونوا حرساً لهم يدفعون عن حريمهم . و الفرقة الثانية يقيمون في المساجد يعمرونها بالأذان و الصلاة لكيلا تعطل الصلاة ، و يأخذون الجزية من أهل العهد لكيلا ينتقضوا عليك . و الفرقة الثالثة يسيرون إلى إخوانهم من أهل الكوفة . و يصنع أهل الكوفة أيضاً كصنع أهل البصرة ، ثم يجتمعون و يسيرون إلى عدوهم ، فإن الله عز و جل ناصرهم عليهم و مظفرهم بهم ، فثق بالله و لا تيأس من روح الله ﴿ ... إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ 3 .
قال : فلما سمع عمر مقالة علي كرم الله وجهه و مشورته ، أقبل على الناس و قال : ويحكم ! عجزتم كلكم عن آخركم أن تقولوا كما قال أبو الحسن ! والله لقد كان رأيه رأيي الذي رأيته في نفسي ، ثم أقبل عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : يا أبا الحسن ! فأشر عليَّ الآن برجل ترتضيه و يرتضيه المسلمون أجعله أميراً ، و أستكفيه من هؤلاء الفرس .
فقال علي رضي الله عنه : قد أصبته ، قال عمر : و من هو ؟ قال : النعمان بن مقرن المزني ، فقال عمر و جميع المسلمين : أصبت يا أبا الحسن ! و ما لها من سواه . قال : ثم نزل عمر رضي الله عنه عن المنبر و دعا بالسائب بن الأقرع بن عوف الثقفي فقال : يا سائب ! إني أريد أن أوجهك إلى العراق فإن نشطت لذلك فتهيأ ، فقال له السائب : ما أنشطني لذلك ... ). انتهى .
أما العنصر الثالث : فهو دور أمير المؤمنين عليه السلام في استكمال الفتوحات في خلافته بالرغم من ثلاثة حروب داخلية فتحوها عليه ! و قد سجل التاريخ منها فتح قسم من إيران كان مستعصياً ، و فتح قسم من الهند :
أمير المؤمنين عليه السلام يرتب وضع البصرة و يواصل فتح إيران و الهند
في تاريخ اليعقوبي : 2 / 183 : ( و لما فرغ من حرب أصحاب الجمل ، وجه جعدة بن هبيرة بن أبي وهب المخزومي إلى خراسان ) .
و في شرح نهج البلاغة : 18 / 308 : ( هبيرة بن أبي وهب ، كان من الفرسان المذكورين ، و ابنه جعدة بن هبيرة ، و هو ابن أخت علي بن أبي طالب ، أمه أم هاني بنت أبي طالب ، و ابنه عبد الله بن جعدة بن هبيرة ، هو الذي فتح القهندر و كثيراً من خراسان ، فقال فيه الشاعر :
لولا ابن جعدةَ لم تُفتح قهندركم *** و لا خراسانُ حتى ينفخ الصور . انتهى 4 .
و قال الطبري في تاريخه : 4 / 46 : ( فانتهى إلى أبرشهر و قد كفروا و امتنعوا فقدم على علي فبعث خليد بن قرة اليربوعي فحاصر أهل نيسابور حتى صالحوه و صالحه أهل مرو ، و أصاب جاريتين من أبناء الملوك نزلتا بأمان فبعث بهما إلى علي فعرض عليهما الإسلام و أن يزوجهما ، قالتا زوجنا ابنيك فأبى ، فقال له بعض الدهاقين إدفعهما إليَّ فإنه كرامة تكرمني بها ، فدفعهما إليه فكانتا عنده يفرش لهما الديباج و يطعمهما في آنية الذهب ، ثم رجعتا إلى خراسان ). انتهى .
و قال ابن خياط في تاريخه : 143، في حوادث سنة 36 : ( و فيها ندب الحارث بن مرة العبدي ( من البحرين ) الناس إلى غزو الهند ، فجاوز مكران إلى بلاد قندابيل و وغل في جبال الفيقان ... ) .
وفي فتوح البلدان للبلاذري : 3 / 531 : ( فلما كان آخر سنة ثمان و ثلاثين و أول سنة تسع و ثلاثين في خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، توجه إلى ذلك الثغر الحارث بن مرة العبدي متطوعاً بإذن علي ، فظفر و أصاب مغنماً و سبياً ، و قسم في يوم واحد ألف رأس ) . انتهى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قصيدة في الدفاع عن القران الكريم

                             هيهات لا يعتري القرآن تبديل ... وإن تبدل توراة وإنجيل                          قل للذين رموا هذا الكتاب بما ......