الخميس، 8 سبتمبر 2016

الاستطاعة وعذاب الروح والجسد

الاستطاعة


سَأل أمير المؤمنين (عليه السلام) احد الأشخاص عن معنى الاستطاعة فقال (عليه السلام) الاستطاعة تملكها من دون الله أم
تملكها مع الله ؟

فسكت الرجل لأنه إن قال املكها مع الله فهو الشرك وان قال املكها من دون
الله فهو الكفر !!!

فقال الرجل يا أمير المؤمنين علمني ماذا أقول .

فقال له ( عليه السلام ) تملكها بالله الذي يملكها من دونك فان ملككها كان
ذلك من عطائه وان سلبكها كان ذلك من بلائه وهو المالك لما ملكك والقادر على ما
عليه أقدرك.

 إذا كان البدن هو وسيلة وصول العذاب إلى الروح ، فكيف تعذّب الروح أو تُثاب وقد فارقت البدن ، وتعرّض هو للانحلال والبلى ؟
الجواب : دلّت الأخبار على أن الله تعالى يحيي العبد بعد موته للمساءلة ويديم حياته لنعيم إن كان يستحقه ، أو لعذاب إن كان يستحقه ، وذلك إمّا بإحياء بدنه الدنيوي ، أو بالحاق روحه في بدن مثالي ، وفيما يلي نبين كلا الأمرين مع أدلتهما من الحديث.
أولاً : إحياء البدن الدنيوي : أي أن الله تعالى يعيد الروح إلى بدن الميت في قبره ، كما تدلّ عليه ظواهر كثير من الأخبار ، منها ما روي عن رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم ـ في حديث ـ قال : « تعاد روحه في جسده ، ويأتيه ملكان فيجلسانه » (24).
وعن أبي جعفر الباقر عليه‌ السلام : « فإذا دخل حفرته ، رُدّت الروح في جسده ، وجاءه ملكا القبر فامتحناه » (25).
وعن أبي عبدالله الصادق عليه‌ السلام : « ثم يدخل ملكا القبر ، وهما قعيدا القبر منكر ونكير ، فيقعدانه ويلقيان فيه الروح إلى حقويه » (26).
ومن هنا قيل : إن الحياة في القبر حياة برزخية ناقصة ، ليس معها من آثار الحياة سوى الاحساس بالألم واللذة ، أي إن تعلّق الروح بالبدن تعلّقٌ ضعيف ، لأنّ الله سبحانه يعيد إلى الميت في القبر نوع حياة قدرما يتألم ويلتذّ (27).
ثانياً : التعلّق بالجسد المثالي : ورد في الأخبار أن الله سبحانه يسكن الروح جسداً مثالياً لطيفاً في عالم البرزخ ، يشبه جسد الدنيا ، للمساءلة والثواب والعقاب ، فتتنعّم به أو تتألم إلى أن تقوم الساعة ، فتعود عند ذلك إلى بدنها كما كانت عليه (28).
عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبدالله عليه‌ السلام عن أرواح المؤمنين. فقال : « في الجنة على صور أبدانهم ، لو رأيته لقلت فلان » (29).
وعن يونس بن ظبيان ، قال : كنت عند أبي عبدالله عليه‌ السلام جالساً فقال : « ما يقول الناس في أرواح المؤمنين ؟ » قلت : يقولون تكون في حواصل طيور خضر في قناديل تحت العرش. فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : « سبحان الله ! المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه في حوصلة طير. يا يونس ، المؤمن إذا قبضه الله تعالى صيّر روحه في قالب كقالبه في الدنيا ، فيأكلون ويشربون ، فإذا قدم عليهم القادم عرفوه بتلك الصورة التي كانت في الدنيا » (30).
وفي حديث آخر عنه عليه‌ السلام : « المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه في حوصلة طير ، ولكن في أبدانٍ كأبدانهم » (31) ، وهناك أحاديث اُخرى تدلّ على ما ذكرناه (32).
وعلى ضوء ما تقدّم ، فإنّ المراد بحياة القبر في أكثر الأخبار هو النشأة الثانية للإنسان في عالم البرزخ ، والذي تتعلّق فيه الروح ببدنها المثالي ، وبذلك يستقيم فهم جميع ما ورد في آيات وأخبار دالة على تجرّد الروح وعلى ثواب القبر وعذابه ، واتساعه وضيقه وحركة الروح وطيرانها ، وزيارة الأموات لأهلهم وغيرها.
العلم يؤيد وجود الجسد المثالي : وتقرر تجارب علماء استحضار الأرواح حقيقة الأجسام المثالية ، حيث يقول أشياع هذا المذهب : إن الموت في حدّ ذاته ليس إلاّ انتقالاً من حال مادي جسدي إلى حال مادي آخر ولكن أرقّ منه وألطف كثيراً ، وأنهم يعتقدون أن للروح جسماً مادياً شفافاً لطيفاً ألطف من هذه المادة جداً ، ولذلك لا تسري عليه قوانينها 



الراجي رحمة ربه الغفور الرحيم 
الاقل الحقير سيد علي اللكاشي 
------------------------------------
المصادر 
------------------------------------



24. الدر المنثور / السيوطي ٥ : ٢٨.
25. الكافي / الكليني ٣ : ٢٣٤ / ٣.
26. الكافي / الكليني ٣ : ٢٣٩ / ١٢.
27. راجع : الأربعين / البهائي : ٤٩٢.
28. راجع : أوائل المقالات / المفيد : ٧٧ ، تصحيح الاعتقاد / المفيد : ٨٨ ـ ٨٩ ، المسائل السروية / المفيد : ٦٣ ـ ٦٤ ـ المسألة (٥) ، الأربعين / البهائي : ٥٠٤.
29. التهذيب / الطوسي ١ : ٤٦٦ / ١٧٢.
30. التهذيب / الطوسي ١ : ٤٦٦ / ١٧١ ، الكافي / الكليني ٣ : ٢٤٥ / ٦.
31. الكافي / الكليني ٣ : ٢٤٤ / ١.
32. راجع : الكافي / الكليني ٣ : ٢٤٤ / ٣ ، و٢٤٥ / ٧.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قصيدة في الدفاع عن القران الكريم

                             هيهات لا يعتري القرآن تبديل ... وإن تبدل توراة وإنجيل                          قل للذين رموا هذا الكتاب بما ......